[(أقلامهم)]
قِدَاحهم، يعني سِهَامهم التي كانوا يجيلونها عند العزم على
الأمر، ويكتبون اسم الخصم على القلم، ويُلْقُونه في الماء، فإذا جرى القَلم على الماء عُلم أنه حق، وإذا رسب في الماء عُلِم أنه باطل.
كما أن القربان كان حاكم آدم عليه السلام، فمن احترق قربانه علم أنه حقّ، ومَنْ لم يحزق قربانه علم أنه باطل.
والسفينة كانت حاكم نوح، فمن وضع يده على السفينة ولم تتحرك علم أنه
حق، ومن وضع يده عليها وتحركت علم أنه باطل.
والسلسلة كانت حاكم داود عليه السلام، فمن مدّ يده إليها وأخذها فهو
حق، ومن لم يقدر على أخذها فهو باطل.
والنار كانت حاكم إبراهيم عليه السلام، فمن وضع يده على النار فلم تحرقه
فهو على الحق، ومن وضع يده عليها وأحرقته فهو على الباطل.
والصّاع كانت حاكِمَ يوسف عليه السلام، فمن وضع يده عليه وسكت فهو
حق، ومن وضع يده على الصاع وصاح وصوّت فهو باطل.
والحفرة التي كانت في صَوْمعة سليمان عليه السلام كانت حاكمه، فمن وضع رِجلَه فيها ولم تأخذه وخرجت علم أنه حق، ومن وضع رِجْله فيها وانضمّت عليه علم أنه باطل.
فإن قلت: كان أوْلَى بهذه الخواصّ نبيّنا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فما باله مُنعها؟
والجواب أنه أعطي البيِّنة على المدعي واليمين على المنكر لئلا يهتك سترَ مَنْ
كذب في دَعواه في الدنيا، فكيف يهتك ستر مَنْ يشهد الشهادة في القربى.
وفي الحديث: إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى كل نبي أن يحاسبَ مع أمّته، ويقول: يا محمد، ألا تحاسب مع أمّتك! فيناجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربّه، ويقول: إلهي لا تفضَحْني في أمتي، واجعل حسابهم في يدي حتى لا يطلع على مساويهم غيري.
فيقول: يا محمد، أنت تريد ألَّا يطلع على مساويهم غيرك، وأنا لا أريد أن يطلع