النوع الثاني: ما يسمّى بالاكتفاء، وهو أن يقتضي المقام ذكر شيئين بينهما
تلازم وارتباط، فيكتفى بأحدها عن الآخر لنكتة.
ويختص غالباً بالارتباط العطفي، كقوله تعالى: (سَرَابِيل تَقِيكلم الحرَّ) .
أي والبرد، وخصص الحر بالذكر، لأن الخطاب للعرب وبلادهم حارة والوقاية عندهم من الحر أهم عندهم، لأنه أشد من البرد.
وقيل لأن البرد تقدم ذكر الامتنان بوقايته صريحاً في قوله، (ومِنْ أصوافها وأوْبارِها وأشعارِها أثاثاً) .
وفي قوله: (وجعل لكم مِنَ الْجِبَال أكناناً) .
وفي قوله: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ) .
ومن أمثلة هذا النوع: (بِيَدِك الخير) .
أي والشر، وإنما خص الخير بالذكر، لأنه مطلوب العباد ومرغوبهم، أو لأنه أكثر وجوداً في العالم، أو لأن إضافة الشر إلي الله تعالى ليس من باب الآداب، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: والشر ليس إليك.
ومنها: (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣) .
أي وما تحرك، وخص السكون بالذكر، لأنه أغلب الحالين على المخلوق
من الحيوان والجماد، ولأن كل متحرك يصير إلى السكون.
ومنها: (الذين يُؤْمِنون بالغيب ويُقِيمون الصلاةَ) .
أي والشهادة، لأن الإيمان بكل منهما واجب، وآثر الغيب، لأنه أمدح، ولأنه يستلزم الإيمان بالشهادة من غير عكس.
ومنها: (ورَبُّ المشارق) ، أي والمغارب.
ومنها: (هدًى للمتقين) ، أى وللكافرين، قاله ابن الأنباري.
ويؤيده قوله تعالى: (هُدى للناس) .
ومنها: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) .
أي ولا والد، بدليل أنه وجب للأخت النصف، وإنما يكون ذلك مع فقد الأب لأنه يسقطها.
النوع الثالث: ما يسمى بالاحتباك، وهو من ألطف الأنواع وأبدعها،