ولهذا قال ابن عطاء الله: لا يكن طلبك تسبّباً إلى العطاء منه، فيقلّ فَهْمك عنه، وليكن طلبك لإظهار العبودية، وقياماً بحقوق الربوبية.
فإن قلت: إذا سبق العطاء منه فما فائدة الطلب، وقد أعطانا بغير سؤال؟
فالجواب إذا سبق في أَزَلِه العطاء وفَّق عَبْدَه لطلبه، فيجيب، ويفرح العبد
بذلك، ولو أعطاك بغير سؤال لطمع الكافر والمؤمن.
وهذه أسباب ووسائط يوفّق الله العبدَ إليها في أي وقت شاء على يد من يشاء
(لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣) .
والكلامُ هنا طويل، وقد ألَّفت فيه تأليفاً عجيباً سميته مفاتح الطلب.
فانظره إن ظفرتَ به، وإلا ففي هذه النبذة كفاية إن شاء الله.
(فإذَا أَمِنْتم) :
الخطاب للمحْرمين مِنْ أَهل مكة وغيرهم.
ومعناه: إذا كنتم بحال أَمْنٍ، سواء تقدَّم مرض أو خوف عدوّ، أو لم يتقدم.
(فَمَنْ تَمَتَّعَ بالعمْرَة) : والتمتع هو أَنْ يعتمر الإنسان في أشهر الحج ثم يحج من عامه، فقد تمتّع بإسقاط أحد السفَرين للحج أو العمرة.
وقال عبد الله بن الزبير: التمتّع هو أن يحْصَر عن الحج بعدو حتى يفوته
فيعتمر عمْرةً يتحلل بها من إحرامه، ثم يحج مِنْ قابل قضاءً لحاجته، فهو قد
تمتع بفعل الممنوعات للحج من وقت تحلله بالعمرة إلى الحجّ القابل.
وقيل: التمتع هو قِران الحجِّ والعمرة.
(فمَنْ لم يَجِدْ فصِيام ثلاثةِ أيامٍ في الحجّ وسبْعَةٍ إذا رجَعْتم) :
يعني من لم يجد الشاةَ فليصمْ ثلاثة أيام، وقْتها من إحرامه إلى يوم
عرفة، فإن فاته صام أيام التَّشْريق وسبعة إذا رجع إلى بلاده.
(فمَنْ فَرض فيهنَ الحجَّ) .
أي أَلزم الحجَّ نفسه في شوال وذو القعدة وذو الحجة.
(فلا رَفَثَ) ، وهو الجماع،