(مقْوِين) :
قد قدّمنا أنهم الذين لا زاد لهم.
والْمُقْوِي أيضا الكثير المال، لأنه من الأضداد.
(مدْهِنون) : يعني متهاونون، وأصله من المداهنة، وهي
لِينُ الجانبِ والموافقة بالظاهر لا بالباطن.
وقال ابن عباس: معناه مكذبون، وهذا خطاب للكفار، ومنه قوله: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) .
ْ (مقَرّبين) : المراد بهم السابقون المذكورون في أول سورة
الواقعة في قوله: (والسابقون السابقون) .
(مسْتَخْلَفين) : يعني في الإنفاق في سبيل الله وطاعته.
رُوِي أنها نزلت في الإنفاق في غَزْوة تَبوك، وعلى هذا روي أن قوله:
(فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) .
نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه، فإنه جهَّز جيش العسْرة.
ولفظ الآية مع ذلك عام، وحكمها باق لجميع الناس.
وقوله: (مسْتَخْلَفين فيه) - يعني أنَّ الأموالَ التي بأيديكم إنما هي أموال
الله، لأنه خلقها، ولكنه متَّعكم بها، وجعلكم خلفاء في التصرف فيها، فأنتم فيها بمنزلة الوكلاء، فلا تمنعوها من الإنفاق فيما أمركم مالكها أن تنفقوها فيه.
ويحتمل أَنه جعلكم مستخلفين ممن كان قبلكم، فورثتم عنهم الأموال.
فأنفقوها قبل أن تخلّفوها لمن بعدكم، كما خلّفها لكم مَنْ كان قبلكم.
والمقصود على كل وجه التحريض على الإنفاق، والتزهيد في الدنيا.
قال في قوت القلوب: وقد مثّل بعض الحكماء ابْنَ آدم بدود القزِّ، لا يزال
ينسج على نفسه بجهله حتى لا يكون له مَخْلص، ويقتل نفسه، ويصير القزُّ
لغيره، وربما قتلوه إذا فرغ من نسجه، لأن المقز يلتفّ عليه فيروم الخروج منه فيشمس، وربما غمز بالأيدي حتى يموت، لئلا يقطع القز، ويخرج القزّ