فالجواب أنه أراد تفصيلَ الشجر إلى شجرة شجرة حتى لا يبقى منها واحدة.
فإن قلت: لم قال: (كلمات الله) ولم يقل كلم الله. بجمع الكثرة؟
فالجواب أن هذا أبلغ، لأنه إذا لم تنفد الكلمات مع أنها جَمْع قلةٍ فكيف
ينفد الجمع الكثير.
وروي أن سبب نزول الآية قول اليهود قد أوتينا التوراة وفيها العِلْم كله.
فنزلت الآية، لتدلَّ على أنَّ ما عندهم قليل من كثير، والآية على هذا مدنية.
وقيل سببها أنَّ قريشاً قالوا: إن القرآن سينفد.
(مولودٌ هو جَازٍ عن وَالدِهِ شَيْئاً) :
يعني أنَّ الوالد لا ينفع ولده، والولد لا ينفع والده، لأن كلَّ واحد مشغول بنفسه.
فإن قلت: ما فائدة إبراز الضمير في الولد دون الوالد؟
قلت: لِمَا جُبل عليه الوالد من المحبة والشفقة لولده، بخلاف الولد، فإنه لا
يصل لتلك المحبة والشفقة، ولو كان في غاية البر.
(مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا) :
أي من خير أو من شر، أو طاعة أو معصية، أو عافية أو بلية، وفيه الإشارة إلى أنَّ العاقل ينظر ما يفعل الله به، فيسلّم له أموره، ويشكره على النعم، ويتوب إليه من المعاصي، ويصبر للنقم.
(مَلَك الْمَوْتِ) :
اسمه عزرائيل، تحت يده ملائكة، وبهذا يجمع بين قوله: (قل يتوَفَّاكمْ مَلَكُ الموت) .
وبين قوله: (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا) ، وسبب توليته لقَبْض أرواح بني آدم:
استغاثة القَبْضَة من التراب التي خلق الله منها آدم، فقال لها: امتثال أمر الله أولى من رحمتك، فلما ولاه على قبض الأرواح قال: يا رب، يسبونني ويبغضونني.
فقال الله له: سأجعل لموتهم أسباباً من مرَضٍ وغَرَق، وحرق وقَتْل، حتى لا
يذكروك.
(مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) : يعني أنه لا يعلم أحد مقدار