فالفريقُ مذكّر، ولو قال: فريقاً ضلّوا لكان بغير تاء، وقوله:(حَق عليهم الضلالةُ) في معناه، فجاء بغير تاء، وهذا أسلوب لطيف من أساليب العرب أن يَدَعُوا حُكْمَ اللفظِ الواجب في قياس لغتهم إذا كان في مرتبةِ كلمةٍ لا يجب لها ذلك الحكم.
قاعدة في التَّعريف والتَّنكير
اعلم أنَّ لكل منهما مقاماً لا يليقُ بالآخر.
أما التنكير فله أسباب:
أحدها: إرادةُ الوحدة، نحو:(وجاء رَجُل مِنْ أقصا المدينة يسْعَى) ، أي رجل واحد.
الثاني: إرادة النوع، نحو:(هذا ذكْر) ، أي نوع من الذكر.
(وعلى أبصارِهم غشاوَة) ، أى نوع غريب من الغِشَاوة لا يتعارفه
الناس، بحيث غطّى ما لا يُغَطيه شيء من الغشاوات.
(ولتَجِدَنَّهُمْ أحْرَصَ الناسِ على حياةٍ) ، أي نوع منها، وهو الازدياد في المستقبل، لأن الحِرْص لا يكون على الماضي ولا على الحاضر.
ويحتمل الوحدة والنوعية معاً قَوْلُه تعالى:(وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ) ، أي كل نوع من أنواع الدواب من نوع من أنواع الماء، وكلّ فردٍ من أفراد الدواب من فرد من أفراد النّطف.
الثالث: التعظيم، بمعنى أنه أعظم من أنْ يعينَ ويُعرف، نحو:(فأذَنُوا