نظر لظهوره قالوا لهم هذا لا لغيرهم.
ومعناه يمنّ على مَنْ يشاء بالإيمان والخروج
عن دين آبائه، فلما سمعوا هذا منهم آذَوْهم فقالوا لهم:
(ولنصبرنَ على ما آذَيْتمونَا) :
وما موصولة بمعنى الذي، أو مصدرية، والعائد محذوف تقديره آذيتموناه أو آذيتمونا به.
(وقال الذين كفروا لرسلهم) .
قد قدمنا في حرف الكاف أن الرسل لم يكونوا في ملّة قومِهم قبل الرسالة.
(وما ذلِكَ على اللهِ بِعَزيز) ، أي بمتعذر ولا صَعْب.
وأَحسن منه بمتعسِّر، لأن قوله: (إنْ يَشَأْ يُذْهبكم) ، أفاد إمكانه، فإنه غير متعذر.
(وبَرَزوا للَهِ جميعا) :
قد قدمنا معنى البروز وحرف الباء، وحينئذ فيقول الضعفاء.
فإن قلت: لِمَ عَبَّر هنا وفي غافر بالاسم، وفي سبأ: (يقول الذين استضعفوا لِلَّذِين استكبروا) ؟
والجواب: أن الاسم يقتضي الثبوتَ، وكلما ثبت الأخص ثبت الأعَم، فإذا
كان مطلق الاستكبار يمنع من إيمان مَنِ اتَّصفَ بأخصّ الضعف فأحْرى أنْ يمنع
من إيمان من اتصف بأعَمِّه.
وأما سورة سبأ فالمراد فيها تبعيّة مَنِ اتّصف بمطلق الضعف لمن اتصف بمطلق الكفر، فإذا كان وجود مطلق الاستكبار لا ينفع لمن اتصف بمطلق الضعف فأَحرى أَلا ينفع لمن اتصف بأخصه ولا ينعكس.
(وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ) :
هذا إما على التوزيع، فلكلِّ واحد جنَّة أو لكل واحد جنات، و (خالدين فيها) حال من الذين آمَنوا مقدَّرة، لأن الدخول غَيْر مقارن لزمن الدخول.
فإن قلت: ما فائدة ذِكْر الأنهار في كل موضع يذكر فيه الجنة مع أنَّ الجنة
معلومة بالماء؟