فإذا تقرر هذا فهذه السباع في غايةِ الظلم وقلَّة الرحمة تأكل الحيوانات من غير اكتراث واهتمام بها، بل تفسد تبيعها وتقطع لحومها، ولا تبالي بما تجده من الألم في تمزيق أعضائها، وتثب على ذلك وثوباً شديداً من غير توقّف لذلك في حاجة ولغير حاجة، وذلك لفَرْط ظلمها، وقلة الرحمة، تأكل الحيوانات من غير اكْتِراث، وذلك متوفّر في سباع الوحش أكثر منه في سباع الطير، فأين الأسد من العُقَاب والصقر، وأين النمر والفَهْد والسبع وغيرها من الحيوانات مِن الحدأ والغربان ونحوها، فلما عظمَت المفسدة والظلم في سِبَاع الوحش حرمت لئلا يتناولها بنو آدم فتصير أخلاقهم كذلك، ولا قَصرت مفسدة سباع الطير عن ذلك فمِن الفقهاء مَنْ نهض عنده ذلك للتحريم دَفْعاً لمفسدة سوءَ الأخلاق.
وإن قلَّت: ومنهم من لم ينهض عنده ذلك للتحريم لخفّة أمره، فاقتصر به على الكراهة.