فإن قلت: كيف ذلك ولم يتقدم للملائكة ذِكْرٌ يعود الضمير عليه؟
والجوابُ أنه قد وضعت إليه إشارة بقوله: (وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) ، لأن بعض العرب كانوا يعبدون الملائكةَ ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فذكْر الشفاعة يقتضي ذِكْرَ الشافعين، فعاد الضمير على الشفعاء الذين دَلّ عليهم لَفْظ الشفاعة.
فإن قيل: بِمَ اتّصل قوله، (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) ، ولأي شيء وقعت حتى غاية؟
فالجواب: أنه اتصل بما فهم من الكلام مِن أنَّ ثَمَّ انتظاراً للإذن في الشفاعة
وتوقّفاً وفزَعاً حتى يَزول الفَزع بالإذْن في الشفاعة، ويقرب من هذا المعنى قوله: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ) .
ولم يفهم بعض الناس اتصالَ هذه الآية بما قبلها فاضطربوا فيها حتى قال
بعضهم: هي في الكفار بعد الموت، ومعنى (فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) رأوا الحقيقةَ، فقيل لهم: ماذا قال ربّكم، فيقولون: قال الحق، فيقرّون حين لا ينفعهم الإقرار.
والصحيح أنها في الملائكةِ لورود ذلك في الحديث، ولأن القَصدَ الردُّ على
الكفار الذين عبدوا الملائكةَ بذكر شدةِ خَوْفِ الملائكة من الله وتعظيمهم له.
(فُرُوجٍ) :
انشقاق، وذلك دليل على إتقان الصنعةِ.
ومنه: (أولم يرَ الذين كَفَروا أنَّ السماواتِ والأرضَ كانتا رَتْقاً ففتقناهما) .
والفروج والانشقاق والفطور والصدوع والفتوق بمعنى واحد.
(فِرَاشاً) :
بمعنى مهاداً، يعنى ذَلَّلناها لكم، ولم نجعلها صعبةً غليظة لا يمكن الاستقرارُ عليها.
(فؤَاد) : قلب، وجمعه أفئدة.
(فِصَال) من الرضاع، وإنما عبر عن مدّته بالفصال، وهو الفطام، لأنه
منتهى الرضاع.