ورُدَّ هذا بأنَّ الرسل مهما كثرت كانت عقوبة مكذبيها أشدّ، وقوم موسى
كفروا بموسى فقط، والنصارى كفَروا بعيسى وهو بعد موسى فعذابه أشد.
لأنه سبقه من الأنبياء كثيرون دَعَوْا إلى مثل ما دعا هو قومه.
(فتَمتَّعوا) : أي في الدنيا.
وهذا على وجه التهديد لمن عقل.
(فهو وَلِيّهم اليوم) :
فسره الزمخشري بوجوه:
منها أنَّ الضمير راجعٌ لكفار قريش، وأنه زَيّن لآبائهم أعمالهم فهو وليّ هؤلاء، لأنهم منهم، فعلى هذا يكون الألف واللام في اليوم لتعريف الحضور، وعلى الوجوه الأخر التي ذَكَر هو وغيره تكون إما لتعريف الماهية، أو لتعريف العهد.
(فأحْيَا بهِ الأرْضَ) :
الفاء للتعقيب، وخصوصا في مكة، لحرارة أرْضها كما قدمنا أنها تصبح أرضها خضراء بصب المطر أول الليل.
(فَرْثٍ ودَمٍ) :
قد قدمنا فيما نقلناه عن الزمخشري أنَّ الفرث ما في الكرش من القذر، وهذا من عجيب القُدرة أن اللبن متوسط بين الفَرْث والدم، ولا يغيِّران له لوناً ولا طعماً ولا رائحة.
قال أبو حيان: (من بين فَرْث ودم) حال من ضمير (نسقيكم) ، أي خارجا من بين فَرْث ودم.
وقيل متعلق بـ (نسقيكم) المقدر، إذ لا يتعلق مجروران بفعل واحد.
ويجوز هنا لاختلاف معناهما، لأن من الأولى للتبعيض، والثانية لابتداء الغاية.
(فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) :
في هذه الآية دلالة على الوحدانية، كأنًّ الله يقول: أنتم لا تسوُّون بين أنفسكم وبين عبيدكم، ولا تجعلونهم شركاء لكم، فكيف تجعلون عبيدي شركاء لي؟
والآخر أنها عتاب وذمّ لمن لا يحسن إلى مملوكه حتى يرد ما رزقه الله عليه، كما جاء في الحديث: " أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون ".
وفيها دليل على صحة