إطلاق لفظ البعض على النصف وعلى أكثر منه، لأن الفاضل أكثر رزقا من
المفضول.
وحكي الخلاف في البعض: هل يطلق على النصف أم لا؟
فإن قلت: التفاوتُ إنما هو في الرزق التكميلي الزائد على ما يُقيم الرّمَق
ويستر البدن.
وأما الحاجِيّ فهم فيه مع المماليك مستوون، فهلا قيل: فما الذين
فُضّلوا برادّي فَضْل رِزْقهم، كما قال: (والله فَضّل بعضَكم على بعض في
الرزق) ؟
والجواب: لو قيل: فما الذين فضلوا برادّي فَضْل رزقهم لكان فيه غثاثةٌ
لتكرار لفظ الفضل ثلاث مرات، وهذا يقال له في علم البيان الاستخدام، وهو أَن يعبَّر باللفظ عن غيره خوْفَ السآمة والملَل.
وأيضا فضل الرزق أخصّ من الرزق، فاستعمل الأخص في الثبوت، والأعم في النفي، لأن نفي الأعمّ يستلزم نَفْي الأخص.
فإن قلت: لفظ الردّ يقتضي سابقية: الملك والحوز، والمماليك لم يكن لهم ذلك بوجْه، فهلا قيل: فما الذين فضِّلوا بمعْطين رزقهم لما ملكت أيمانهم، وهذا نحو ما أوردوا في قوله تعالى، (أو لتعودُنَّ في مِلَّتِنا) ؟
والجواب: أنه إشارةٌ إلى تأكيد النفي، وأن هذا امتنعوا من إعطائه للمماليك
يمكن إن كان يكون للمماليك بدلا عنهم، فكانوا قابلين لأن يملكوه، لأن الذي أعطاه لسادتهم كان قادراً على إعطائه لهم دون ساداتهم بناء على أنَّ من ملك أن يملك يعدّ مالكاً، وإن فسرنا الرزق بما منعه السادات مماليكَهم في قوله: (فما الذين فُضّلوا برادّي رزقهم على ما ملكت أيمانهم) فتكون النعمة في قوله: (أَفَبِنعْمَة الله) - الرزق.
وإن جعلناه تمثيلاً، أي كما أنِفوا أن يشاركَهم أحَدٌ في رزقهم كذلك ينبغي ألاَّ يجعلوا مع الله شريكاً، فيكون المعنى أفبالدَّلائل الدالة على وحدانية الله يجحدون.
وانظر إذا ردّوا كلَّ رزقهم عليهم لا يكونون فيه سواء، وإنما يستوون معهم
بردّهم عليهم نصفَ فَضْل رزقهم، فإما أن يكونَ على حذف مضاف، أو يكون