ومن قال إن الشعائر مواضع الحج فمحلّها مأخوذ من إحلال المحْرِم، أي
آخر ذلك كله الطواف بالبيت، يعني طواف الإفاضة، إذ به يحِلّ الحرم من
إحرامه.
(مَنْسَكًا) ، أي موضعاً للعبادة.
ويحتمل أن يكون اسم مصدر، بمعنى عبادة.
والمراد بذلك الذبائح، لقوله تعالى: (ليَذْكُروا اسْمَ اللهِ على ما رزَقَهمْ مِنْ بهيمةِ الأنْعَام) ، بخلاف ما يفعل الكفار من الذبائح تقرباً إلى الأصنام.
(مَنْ يَنْصُرُه) : الضمير عائد على الله.
والمعنى إنَّ اللهَ ينصر من ينصر دينَه وأولياءه، وهو وعْدٌ تضمَّن الحض على القتال.
(مَشِيد) : أي مبنيّ بالشِّيد وهو الجص.
وقيل المشيد المرفوع البنيان، وكان هذا القصر بقيةً من بقايا ثمود.
(مَكنَّاهم في الأرض) ، المراد بهم أمةُ محمد - صلى الله عليه وسلم -، مكنَهم اللَه في أرضه.
وقيل الصحابة. وقيل الخلفاء الأربعة، لأنهم الذين مكنوا في الأرض
بالخلافة، وفعلوا ما وصفهم الله به في الآية.
(مَنْ عاقَب بمثْلِ ما عُوقِبَ به) : قد قدمنا في آية النحل: أن هذا من معنى التجوّز، ولكن وعد في هذه الآية بالنصر لمن بغي عليه.
فإن قلت: أي مناسبة لختم هذه الآية بالعفو والمغفرة؟
والجواب من وجهين:
أحدهما: أن في ذكر هذين الوصفين إشعاراً بأن العفو أفضل من المعاقبة.
كما قدمنا، فهو حضّ عليه.
والثاني: أن في ذكرهما إعلاماً بعَفْوٍ عن المعاقب حين عاقب، ولم يأخذ
بالعفو الذي هو أولى.