افتريت على الله كذباً، يختم على قلبك، لكنّك لم تفتر عليه كذباً فقد هداك
وسدّدك، والآخر أنَّ المرادَ إنْ يشأ الله يختم على قلبك بالصبر على أقوال الكفار واحتمال أذاهم.
(يَمْح الله الباطل) :
هذا فعل مستَأنَف غير معطوف على ما قبله، لأن الذي قبله مجزوم، وهذا مرفوع فيوقف على ما قبله، ويبتدأ به.
وفي المراد به وجهان:
أحدها أنه مِنْ تمام ما قبله، أي لو افتريت على الله كذباً بالْخَتْم على قلبك ومَحْو الباطل الذي كنْتَ تفتريه لو افتريته.
والآخر أنه وَعْد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يمحو الله الباطلَ وهو الكفر، ويحقّ الحق وهو الإسلام.
(يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) :
أي من عباده.
وقبولُ التوبة من الكفر مقطوع بها، ومِن مظالم العباد فهي متوقّفة حتى يردَّها لأهلها أو يستحلّ منها، ومن المعاصي التي بين العبد وبين الله فيُرْجى أنها مقبولة لهذه الآية.
وقيل هي في المشيئة، وهو أكرمُ أنْ يقول له العبد: رجعت، فلا يقول
له: قبِلْت.
وقد قدمنا مِراراً شرطَ التوبة وصحةَ قبولها.
وفي بعض كتبِ الله المنزلة: وعزَّتي وجلالي، وارتفاعي في علوّ مكاني.
لأقطعنَّ أمَل كل مؤَمل أمّل غيري باليأس، ولألْبِسنَّه أثوابَ الذلة بين الناس.
ولأقصِيَنه من قُرْبي، ولأباعِدَنّه من حوضي، أيؤمّل غيري في الشدائد.
والشدائد بيدي، وأنا الحيُّ ويرجو سواي، ويطرق بالذكر باب الغير ومفاتحُ
الأبواب بيدي، وبابي مفتوح لمَنْ دَعاني، من الذي دعاني فلم أجبه، مَنِ الذي استغفرني فلم أغفر له، من الذي رجع إليَّ فلم أقبله، مَن الذي دعاني لنوائِبه فقطعتُ به دونها، مَنِ الذي رجاني لعظيم جرمه فأقطع رجاء له، من الذي قرع بابي ولم أفْتَح له، جعلتُ آمالَ عبادي متصلة بي فقطعوها، وجعلت أرجاءهم مذخورةً عندي فلم يرضوا بحفْظِي، وملأت سمائي ممَّنْ لا يملون من ذكري، وأمرتهم ألاَّ يُغْلِقُوا الأبوابَ بيني وبين عبادي فلم يثق الآدميون بقولي!
ألا يعلم من طرقَتْه نائبةٌ من نوابي أنه لا يملك كَشْفَها إلا من بعد إذني!