بلاغة، والفواصل مثله.
وإن أراد به ما تقع المعاني تابعة له - وهو مقصود متكلف - فذلك عيب.
والفواصل مثله.
قال: وأظن الذي دعاهم إلى تسمية كل ما في القرآن فواصل، ولم يسموا ما
تماثلت حروفه سجعاً - رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من
الكلام المروي عن الكهنة وغيرهم، وهذا غَرَضٌ في التسمية قريب.
والحقيقة ما قلناه.
قال: والتحرير أن الأسجاع حروف متماثلة في مقاطع الفواصل.
قال: فإن قيل: إذا كان عندكم أن السجع محمود فَهلا وَرَدَ القرآنُ كله
مسجوعاً، وما الوجه في ورود بعضه مسجوعا وبعضه غير مسجوع، قلنا، إن القرآن نزل بلغة العرب، وعلى عُرْفهم وعادتهم، وكان الفصيح منهم
لا يكون كلامُه كله مسجوعاً، لما فيه من أمارات التكللف والاستكراه لاستماع طول الكلام، فلم يَرِدْ كله مسجوعاً جرياً منهم على عُرْفِهم في اللطيفة الغالبة من كلامهم، ولم يخل من السجع، لأنه يحسن في بعض الكلام على الصفة السابقة.
وقد ألف الشيخ شمس الدين بن الصائغ الحنفي كتاباً سماه " إحكام الراي في
أحكام الآي " قال فيه: إن المناسبة أمر مطلوب في اللغة العربية يُرتكب بها
أمور من مخالفة الأصول.
قال: وقد تتبعت الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاة للمناسبة فعثرت
منها على ما ينيف على الأربعين حكماً:
١ - تقديم المعمول إما على العوامل نحو: (أهؤلاء إياكم كانوا يعْبُدون)
قيل: ومنه: (وَإيّاك نستعين) .
أو معمول آخر أصله التقديم، نحو: (لِنُرِيَكَ مِنْ آياتنَا الْكبْرَى) .
إذا أعربنا (الكبرى) مفعول نرِي.
أو على الفاعل، نحو: (ولقد جاء آل فرعون النّذُر) .
ومنه تقديم خبر كان على اسمها، نحو: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤) .