اتفق أهل السنّةِ والجماعة على أن كلام الله تعالى منزّل.
واختلفوا في معنى الإنزال، فمنهم من قال إظهار القراءة، ومنهم من قال إن الله تعالى ألْهم كلامَه جبريل، وهو في السماء، وهو عال من المكان.
وعلَّمه قراءته، ثم إن جبريل أدَّاه في الأرض، وهو يهبط في المكان.
وفي التنزيل طريقان:
أحدهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتقل من صورة البشرية إلى صورة الملكية، وأخذه من جبريل.
والثاني: أن الملك انخلع إلى البشريّة حتى يأخذ الرسول منه.
والأول أصعب الحالين.
وقال الطيبي: لعلّ نزول القرآن على الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يتلقَّفه الملَك من الله تَلَقُّفاً رُوحانياً، أو يحفظه من اللوح المحفوظ، فينزل به إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويُلقيه عليه.
وقال القطب الرازي في حواشي الكشّاف: التنزيل لغة بمعنى الإيواء، وبمعنى
تحريك الشيء من عُلْو إلى سفل، وكلاَهما لا يتحققان في الكلام، فهو مستعمل فيه في معنى مجازي، فمن قال: القرآن معنى قائمٌ بذات الله تعالى فإنزاله أن يوجد الكلمات والحروف الدالة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ.
ومَنْ قال القرآن هو الألفاظ فإنزاله مجرد إثباته في اللوح المحفوظ.
وهذا المعنى مناسب لكونه منقولاً عن أول المعنيين اللغويين.
ويمكن أن يراد بإنزاله إثباته في السماء الدنيا بعد الإثبات في اللوح المحفوظ، وهذا يناسب المعنى الثاني.
والمراد بإنزال الكتب على الرسل أن يتلقفها الملك من الله تلقّفاً روحانيا أو يحفظها من اللوح المحفوظ، وينزل بها فيلقيها عليهم.
وقال غيره: في المنزَّل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أقوال: