للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قاعدة]

الأصل دخول أداة التشبيه على المشبَّه به، وقد تدخل على المشبه، إما لقصد المبالغة فيُقلب التشبيه ويجعل المشبه هو الأصل، نحو: (قالوا إنّمَا البَيْعُ مِثْلُ الربا) ، كان الأصل أن يقولوا إنما الربا مثل البيع، لأن الكلام في الربا لا في البيع، فعدلوا عن ذلك وجعلوا الربا أصلا ملحقاً به البيع

في الجواز، وأنه الخليق بالحِلِّ.

ومنه قوله تعالى: (أفَمَنْ يخْلُقُ كمَنْ لا يخْلُقُ) ، فإن الطْاهر العكس، لأن الخطاب لعبدة الأوثان الذين سموها آلهة تشبيهاً بالله سبحانه، فجعلوا غير الخالق مثل الخالق، فخولف في خطابهم، لأنهم بالغوا في

عبادتهم، وغلوا حتى صارت عندهم أصلاً في العبادة، فجاء الرد على وفق ذلك.

وإما لوضوح الحال، نحو: (وليس الذَّكَرُ كالأنثَى) .

فإن الأصل: وليس الأنثى كالذكر، وإنما عدل عن الأصل، لأن المعنى: وليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وُهبت.

وقيل: لمراعاة الفواصل، لأن قبله: إني وضعتها أنثى.

وقد تدخل على غيرهها اعتمادا على فَهْم المخاطب، نحو: (كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ) .

المراد كونوا أنصار الله حالصين في الانقياد كشأن مخاطبي عيسى إذ قالوا.

[قاعدة أخرى]

القاعدة في الذم تشبيه الأعلى بالأدنى، لأن الذم مقام الأدنى.

وفي المدح تشبيه الأدنى بالأعلى، لأن الأعلى ظاهِرٌ عليه، فيقال في المدح: حصى كالياقوت.

وفي الذم: ياقوت كالزجاج، وكذا في السلب.

ومنه، (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ) ، أي في النزول لا في العلو.

(أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>