الثاني: عكسه، وهو تشبيه ما لا تقع عليه الحاسة بما تقع عليه، كقوله:
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ) .
أخرج ما لا يحس - وهو الإيمان - إلى ما يحس وهو السراب.
والمعنى الجامع بطلان التوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة.
الثالث: إخراج ما لا تجري العادة به إلى ما جرت، كقوله تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) .
والجامع بينهما الارتفاع في الصورة.
الرابع: إخراج ما لا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بها، كقوله: (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) .
والجامع العظم، وفائدته التشويق إلى الجنة بحسن الصفة وإفراط السعة.
الخامس: إخراج ما لا قوة له في الصفة إلى ما له قوة فيها، كقوله تعالى:
(وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (٢٤) .
والجامع فيهما العظم، ولفائدته إبانة القدرة على تسخير الأجسام العظام في ألطف ما يكون من الماء، وما في ذلك من انتفاع الخلق بحمل الأثقال وقطعها الأقطار البعيدة في المسافة القريبة، وما يلازم ذلك من تسخير الرياح للإنسان، فتضمّن ذلك نبأ عظيما من الفخر وتعداد النعم، وعلى هذه الأوجه الخمسة تجرى تشبيهات القرآن.
الرابع: ينقسم باعتبار آخر إلى مؤكد، وهو ما حذفت فيه الأداة، نحو:
(وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ) ، أي مثل مر السحاب.
(وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) .
(وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) .
ومرسل، وهو ما لم يحذف، كالآيات السابقة.
والمحذوف الأداة أبلغ، لأنه نُزّل فيه الثاني منزلة الأول تجوزا.