ربوبية فرعون نصًّا، وإن كان دخل في الأول ضمناًْ إغلاظاً، زاد فرعون في
الاستهزاء به، فلما رآهم موسى لم يتفطنوا أغلظَ في الثالث بقوله:(إنْ كنْتم
تعقلون) .
ومثال الزيادة في الجواب قوله تعالى:(فلِ الله ينَجيكم منها ومن كل
كرب) ، في جواب (مَنْ يُنَجيكم من ظُلماتِ البر والبَحْر) .
وقول موسى:(هي عَصَايَ أتَوَكَّأ عليها وَأهش بها على غَنمي) ، في جواب:(وما تلكَ بيمينك يا موسى) .
زاد في الجواب استلذاذا بخطاب الله.
وقول قوم إبراهيم:(نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ) ، في جواب:(ما تَعْبدون) ، زادوا في الجواب إظهارا للابتهاج بعبادتها والاستمرارِ على مواظبتها ليزداد غيْظ السائل.
ومثال النقص منه قوله تعالى:(قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ) ، في جواب:(ائْتِ بقرآن غَيْر هذا أو بدِّله) ، أجاب عن التبديل دونَ الاختراع.
قال الزمخشري: لأن التبديلَ في إمكان البشر دون الاختراع، فطوَى ذكْرَه للتنبيه على أنه سؤال محال.
وقال غيره: التبديل أسهل من الاختراع، وقد نفى إمكانَه فالاختراع أولى.
[تنبيه:]
قد يُعْدَل عن الجواب أصلاً إذا كان السائل قَصْده التعنيت، نحو:
(ويسألونَك عن الروح) .
قال صاحب الإيضاح: إنما سأل اليهود تعجيزاً أو تغليظا إذْ كان الروح يقال بالاشتراك على روح الإنسان، والقرآن، وعيسى وجبريل، وملك آخر، وصنف من الملائكة، فقصد اليهود أنْ يسألوه، فبأيّ مسمّى أجابهم قالوا: ليس هو، فجاءهم الجواب مجمَلاً، وكان هذا الإجمال كَيْداً يردّ به كيدهم.