وهذه كلّها خاصة بهذه الأمة المحمدية، ولهذا أخَّر اللهُ حسابَ الأمم كلها
إلى يوم القيامة، وحرّم الجنة على سائر الأمم حتى يدخلها هو - صلى الله عليه وسلم - وأمّته، لأنها دارهم.
ولما أخذوا الكتابَ بقوّة ورِضاً سهّله اللهُ عليهم، ويسَّرَه لهم، ختى إن منهم
من يختمه في كلّ ساعة، ومنهم من يختمه اثنا عشر ألف بالليل، واثنا عشر ألف بالنهار، وأعظم من ذلك أنَّ الله سهَّل حِفْظَه - عليهم، حتى أن حبيباً حفظه وهو ابن خمس سنين، وآخر حفظه في النوم، وأعطاهم إجابة الدعاء عند خَتْمِه، وقَرّبهم عند السجود له، وذكَّرهم بالفلاح إذا أنفقوا أموالهم، واشترى منهم أنفُسَهم، والهداية إذا جاهدوها، وقبل التوبة إذا وافقوها، والكفاية إذا توكلوا عليه، والزيادة من النعم إن شكروه، والإجابة إذا دعوه، وأعطاهم قبل أن يسألوه، وغفر لهم قبل أن يستغفروه.
(نكَصَ على عَقِبيه) .
أي رجع إلى وراء، وهو إبليس لمّا تصور لقريش حين خرجوا إلى بدْر على صورة سراقة بن مالك، وقال لهم: إني جارٌ لكم مِن قَوْمي، وأنصركم بجندي، فلما رأى الملائكة َ خاف ورجع القهقرى، وقال: إني أرى ما لا تَرَوْن.
(نجَس) :
كل ما ينجس، وسَمَّى اللهُ الكافر بأنه نجس لكُفْره، وقيل لجنابته فيُمنع من دخول المسجد.
وأباح الشافعي دخوله في كل مسجد ما عدا المسجد الحرام، وأباح أبو حنيفة دخولَ المشركين المساجد ما عدا المسجد الحرام، وأباح دخول أهلِ الكتاب في المسجد الحرام.
وقاس مالك على المشركين سائر الكفار من أهل الكتاب وغيرهم.
وقاس على المسجد الحرام سائر المساجد في مَنْع جميع الكفار من جميع المساجد.