من مريم على وجه البدل في: (يسألونكَ عن الشهر الحرام قِتَال فيه) .
(اذكروا نعمةَ الله عليكم إذْ جعل فيكم أنبياءَ) .
أي اذكروا النعمةَ التي هي الجَعْل المذكور، فهي بدل كل من كل.
والجمهور يجعلونها فيَ الأول ظرفاً لمفعول محذوف، أي واذكروا نعمةَ الله عليكم إذ كنتم قليلاً.
وفي الثاني ظرفاً لمضاف إلى مفعول محذوف، أي واذكر قصة
مريم.
ويؤيّد ذلك التصريح به في: (واذكروا نعمةَ الله عليكم إذْ كنتم أعداءً) .
وذكر الزمخشري أنها تكون مبتدأ، وأخرج عليه قراءة بعضهم: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا) .
قال التقدير " مَنه " إذ بعث، فإذْ محل رفع كإذا قولك: أخطَب ما يكون الأمير إذا كان قائماً، أي لقد مَنّ الله على المؤمنين وقت بعْثه.
قال ابن هشام: ولا نعلم بذلك قائلاً.
وذكر كثير أنها تخرج عن المضي إلى الاستقبال، نحو: (يومئذ تحَدث أخبَارَها) .
والجمهور أنكروا ذلك وجعلوا الآية من باب: (ونفخَ في الصُّور) - يعني من
تنزيل المستقبل الواجب الوقوع منزلة الماضي الواقع.
واحتج المثبتون - ومنهم ابن مالك - بقوله: (فسوف يعلمون إذ الأغلالُ في أعناقهم) .
قال: يعلمون مستقبلٌ لفظاً ومَعْنًى، لدخول حرف التنفيس عليه، وقد عمل في إذ، فيلزم أن تكون بمنزلة إذا.
وذكر بعضهم أنها تَأتي للحال نحو: (وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) .
[فائدة]
أخرج ابن أبي حاتم من طريق السديّ عن أبي مالك، قال: كل ما كان في
القرآن (إنْ) - بكسر الألف - فلم يكن، وما كان إذ فقد كان.