وكبريت الانتباه، ومسرجة الصدق، وفتيلة الشكر، ودهن التوكل، حتى توقد نور المعرفة في قلبه، كالذي يريد أن يوقد ناراً يحتاج إلى سبعة أشياء: زند، وحجر، وحراقة، وكبريت، ومسرجة، وفتيلة، ودهن، ثم يعلق السراج بثلاث سلاسل في ثلاث غرا، وحينئذ يعلّق في سقف البيت.
وهكذا صاحب سراج المعرفة لا بد له من سلسلة الخوف معلَّقة بعرْوَة
العدل، وسلسلة من الرجاء في عروة الفضل، وسلسلة من المحبة في عروة
الكرامة، وحينئذ يعضد بالعرش، ولا تقدر رياح الأعضاء السبعة ومعاصيهن أن تُطْفِئ هذا السراج، فهؤلاء المجوس أوقدوا ناراً ليعبدوها فلم يقدر أحد على إطفائها، فكيف يقدر أحد على إطفاء نور المحبة.
والله تعالى يقول: (يريدون أنْ يطفِئُوا نورَ اللهِ بأفواههم ويأبَى اللَّهُ إلا أنْ يتِمَّ نوره ولو كرِهَ الكافرون) .
(ضَلَلْنَا في الأرض) :
أي صِرْنا تراباً، وهذا استبعاد من الكفار للبعث.
وقرئ صَلَلْنا، أي أنتنا وتغيَّرْنَا، من قولهم: صَلّ اللحم وصنّ
وأصن: تغيّر.
(ضَرِيع) :
فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه شوك، يقال له الشِّبْرِق، وهو سم قاتل.
وهذا أرجح الأقوال، لأن أرباب اللغة ذكروه، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الضريع: شوك في النار.
الثاني: أنه الزّقّوم، لقوله: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤) .
الثالث: أنه نباتٌ أخضر منْتن ينبت في البحر. وهذا ضعيف.
الرابع: أنه وادٍ في جهنم.
وهذا أضعف، لأن ما يجري في الوادي ليس بطعام، إنما هو شراب، ولله دَرُّ مَنْ قال: الضريع طعام أهل النار، فإنه عَمَّ وسَلِم من عهدة التعيين.
واشتقاقه عند بعضهم من المضارعة بمعنى المشابهة، لأنه
يشبه الطعام الطيب، وليس هو به.
وقيل: هو بمعنى مضْرع البدن أي مضعف.