ولهذا ذمّ الله الشعراء، لإفراط التجوّز فيه، وإنْ ورد
في الحديث: إنَّ من الشعر لحكمة - فإنما يصدق على ما هو عَرِيّ عن الأوصاف الذميمة، ورحم الله الشافعي في قوله: الشعر كلام، والكلام منه حسن ومنه قبيح.
(مَنَافِعُ وَمَشَارِب) :
قد قدمنا في النحل معناه.
(مَثَلاً ونَسِيَ خَلْقَه) .
يعني أن العاصي بن وائل أو أمية بن خلف، أو أبي بن خلف، على اختلاف الروايات أتى إلى رسول اللَه - صلى الله عليه وسلم - بعظم
رميم، فقال له: يا محمد، مَنْ يُحْيى هذا؟ فقال له: الله يحييه، ويميتك ثم يحييك، ويدخلك جهنم، فانظر كيف نَسِي خلقته الأولى، واستعظم وجودَ الثانية، هل هذا إلا من المعاندة في المحسوس، فكيف يطلق اسم الخالق على من لم يخلق جميع الناس، ولقد أنزل الله خمس آيات على نبيه لو لم يكن منها إلا واحدة لمنعَتْنَا من التمتع بهذه الدنيا: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١) .
(أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
(أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (١٨) .
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١) .
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) .
فجميعُ المخلوقات على أصنافها لم يخلقها الله إلا لحكمة: الملائكة لخدمته.
وما منّا إلا مقَام معلوم.
والأرض للعبرة بها، قل سيروا في الأرض.
وفي الأرض آياتٌ للمُوقنين.
والأنعام للمنفعة، لتركبوا منها ومنها تأكلون.
والعارف لعبادته، وما خلقْتُ الجن والإنْسَ إلا ليَعْبدون.
والعالم للرحمة، قال تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا مَنْ رحم رَبُّك) .
فهنيئاً لمن فتح الله بصيرته وتَبًّا لمَنْ أعماها له.
(ما كانوا يَعْبُدون) :
يعني الأصنام والآدميين الذين كانوا يرضون بذلك.
وقد قدمنا أن فائدةَ دخول الأصنام والمعبودات النار
زيادةُ نَكالهم.