لله من ينشّأ في الحلية، وذلك صفة النّقْصِ، ثم أتبعها بصفة نقص أخرى وهي
أنَّ الأنثى إذا خاصمت أو تكلمت لم تقدر أنْ تبيّن حجَّتَها لنَقْص عقلها، وقلما تَجِد امرأةً لا تفسد الكلام وتخلط المعاني، فكيف يُنْسب لكامل من اتصف بنقصٍ.
وأغربُ من ذلك أنهم يجعلون لأنفسهم المذكور، (ويجعلون لله البنات
سبحانه ولهم ما يشْتَهُون) .
وإعراب (من ينشأ) مفعول بفعل مضمر، تقديره: أجعلْتُم للَه مَنْ ينشأ في الحلية، أو مبتدأ وخبره محذوف، تقديره: أو من ينشأ في الحلية خَصَصْتُم به الله.
(يَسْتَغِيثانِ الله وَيْلَكَ آمِنْ) :
ضمير التثنية يعود على الوالدين اللذين يستغيثان بالله مِن كراهتهما لما يقول ابْنُهما من الكفر، فيقولان له: وَيْلك آمِنْ، ثم يأمرانه بالإيمان فيقول: (ما هذا إلا أساطِيرُ الأولين) ، أي قد سطّره الأوَّلون في كتبهم، وذلك تكذيبٌ بالبَعْث والشريعة.
واختلف فيمن نزلت هذه الآية، فقيل في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق
حين كفْرِه، كان أبوه وأمّه يدعوانه إلى الإيمان فيأبى، ويقول لهما: أفٍّ لكما.
وأنكرته عائشة رضي الله عنها، وقالت: واللَه ما نزل في آلِ أبي بكر شيء من القرآن إلا براءتي.
وكان عبد الرحمن بن أبي بكر من خِيَار المسلمين، وكان له في الجهاد غناء عظيم.
وقال السُّدِّي: ما رأيت أعبد منه.
والصحيحُ أنها على الإطلاق فيمن كان على هذه الصفة من الكفْر والعقوق لوالديه، ويدل على أنها نزلت على العموم قوله: (أولئِكَ الذين حَقَّ عليهم الْقَوْلُ في أمَمٍ) ، بصيغة الجمع، ولو أراد واحداً بعينه لقال ذلك الذي حقَّ عليه القول.
(يَتَدَبَّرون القرآنَ) .
أي يتفكرون في معانيه، لتظهرَ أدِلَّتُه وبراهينه، وفيها حضّ على التدبر والتفكر فيه.
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يقرؤه بخشوع من غير هَذْرَمة.