للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَتَقطعُوا أَمرَهم بَيْنَهم) .

أي اختلفوا فيه، وهو استعارةٌ من جعل الشيء قطَعاً، والضمير للمخاطبين، والأصل تقطعتم أمْرَكم بينكم، إلا أَن الكلامَ صرِف إلى الغيبة على طريق الالتفات، كأنه يَنْعَى عليهم ما أَسدَوه إلى آخرين، ويقتح عندهم فِعلهم، ويقول هم: ألا تَرَوْن إلى عظيم ما ارتكب هؤلاء في دين الله، وإن اختلفوا في الدين مرجعُهم إلينا وحسابهم علينا.

فإن قلت: ما فائدة عطف هذه الآية بالفاء وزيادة (زبُراً) ؟

والجواب أن زيادته تأكيد لافتراقهم، ونصب الحال الواردة بياناً وتأكيداً

لقُبْح تفرقهم، وتشنيع مرتَكَبهم، فناسب ذلك مقصود هذه الآية لما هنا من

التخويف والإنذار، ولم يكن ليناسب آية الأنبياء، لبنائها على غيرها لما

تقدمها من تأنيس نبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتعريفه بما منح سبحانه متقدمي الرسل، وما أعقبهم صبرهم على أممهم، ولذلك عطفها بواو العطف، كأنه يقول: نبَّهناهم على السؤال، وأوضحنا لهم أمر مَن تقدمهم، وعاقبة الاستجابة لمن تمسّك بهَدي المذكورين، وهم مع ذلك على عنادهم وافتراقهم، وكأن الكلام وارد مورد التعجب من أمرهم، ولم يَشُبْه شدة الوعيد، ليبقى رجاؤه.

(فَلَك) :

هو القطب الذي تدور عليه النجوم.

(فَجٍّ عمِيق) ، أي طريق بعيد.

(فكلوا منها) ، ندب للأكل من الأضحية، وهو من

خصائص هذه الأمة المحمدية، يأكلون صدقاتهم فيؤْجَرون عليها بخلاف من

تقدم، فسبحان من أنعم عليهم بنعم دنيا وأخرى، جعلنا الله ممن أحبهم.

(فاجتَنِئوا الرجسَ من الأَوثان) :

من لبيان الجنس، كأنه قال الرجس الذي هو الأوثان، والمراد النهي عن عبادتها، أو عن الذبح تقرّباً لها كا كانت العرب تفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>