وقال السكاكي: التعريض ما سيق لأجل موصوف غير مذكور، ومنه أن
يخاطَب واحد ويُراد غيره، وسمي به لأنه أمِيل الكلام إلى جانب مشاراً به إلى
آخر، يقال: نظر إليه بعرض وجهه، أي جانبه.
قال الطيبي: وذاك يفعل إما لتنويه جانب الموصوف، ومنه: (ورَفَع بَعْضَهم
درَجاتٍ) ، أي محمداً - صلى الله عليه وسلم - إعلاء لقدره، أي أنه العلم الذي لا يشتبه.
وإما التلطّف به واحترازاً عن المخاشنة، نحو: (وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) ،: أي وما لكم لا تعبدون، بدليل قوله: (وإليه ترجعون) .
وكذا قوله: (أأتَّخِذُ مِنْ دُونِه آلهة) .
ووجهُ حسنه إسماع من يقصد خطابه الحقَّ على وجه يمنع غضبه، إذ لم يصرح بنسبته للباطل، والإعانة على قبوله، إذ لم يرد له إلا ما أراد لنفسه.
وإما لاستدراج الخصم إلى الإذعان والتسليم، ومنه: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ) .
خوطب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأريد غيره، لاستحالة الشرك عليه
شرعاً.
وإما للذمّ، نحو: (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) ، فإنه تعريض
بذم الكفار، وأنهم في حكم البهائم الذين لا يتذكرون.
وإما للإهانة والتوبيخ، نحو: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) .
فإن سؤالها لإهانة قاتلها وتوبيخه.
قال السبكي: التعريض قسمان:
قسم يراد به معناه الحقيقي، ويشار به إلى المعنى الآخر المقصود كما تقدم.
وقسم لا يراد، بل يضرب مثلاً للمعنى الذي هو مقصود التعريض، كقول
إبراهيم: (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) .
*******