وقد روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة، قال: من قرأ القرآن في كل سنة
مرَّتْين فقد أدَّى حقَّه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض على جبريل في السنة التي قبض فيها مرتين.
وقال غيره: يُكْرَه تأخير خَتْمِه أكثر من أربعين يوماً بلا عذْر.
وقال النووي في الأذكار: المختار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص.
فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقْتَصِرْ على قَدْرٍ يحصل له
كمالُ فَهْم ما يقرأ، وكذلك من كان مشغولاً بنشر العلم، أو فصل الحكومات، أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامة فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له ولا فوات كماله.
وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين
فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حَدّ الملل أو الهذْرَمة في القراءة.
ونِسْيَانُه من أَعْظَمِ الذنوب، كما صحَّ: عرِضت عليَّ ذنوبُ أمتي فلم أرَ ذَنْبًا
أعظم من سورة القرآن أو آية أوتيها رجلٌ فنسيها.
ويستحب الوضوء لقراءته.
وإذا كان يقرأ فعرضت له ريح أمسك عن
القراءة حتى يستتم خروجها.
وكذلك إن كان يكتبه.
ويطيِّب فمه ما أمكنه، ويجلس مستقبلاً متخشّعاً خائفاً وَجِلاً، مطرقاً رأسه حياء ممنْ هو يخاطبه.
ويتعوَّذ باللهِ من الشيطان الرجيم.
وليحافظ على قراءة البسملة أول كل سورة.
ولا يحتاج إلى نيّة إلا إذا نذرها خارج الصلاة، فلا بد من نية الفرض أو النذْر.
وقال في شرح المهذب: واتفقوا على كراهة الإفراط في الإسراع، قالوا:
وقراءة جُزْءٍ بترتيل أَفضل من قراءة جزءين في قَدْرِ ذلك الزمان بلا ترتيل.
وفي النشر: اختلف هل الأفضل الترتيل، وقلة القراءة، أو السرعة مع
كثرتها، وأحسنَ بعض أئمتنا فقال: إن ثوابَ قراءة الترتيل أجلّ قدراً، وثواب الكثرة أكثر عدداً، لأن بكل حرف عشر حسنات.
ويستحبّ البكاء عند تلاوته، والتباكي لمن لا يقدر عليه، والحزن والخشوع، قال تعالى: (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ) .