لا خيرها يدوم ولا شرها يبقى، فما بالك بيوم تذهل فيه كلّ مرضعةٍ عمّا أَرضعت، ويفرّ المَرءُ من أخيه!
اللهم لا محيص من هَوْله إلاَّ بك، ولا مَفَرّ منه إلا بعفوك، فاجعله لنا يوم رحمةٍ لا يوم نِقْمة، إليك المشْتَكى، وبكَ المستغاث، وعليك التكلان، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بك.
(يَطمَعُ أَنْ أَزِيد) .
أي يطمع في الزيادة على ما أعطاه الله، ويظن أن حِرصَه واجتهاده يوصّله لمراده، وهذا غاية الجهل، ولذلك قال مهدّداً له: (كلا إنه كان لآياتنا عَنِيداً) .
(يقول الذين في قلوبهم مَرَضٌ والكافرون) :
المراد بالأولين المنافقون، لأنه وصفهم بمرض قلوبهم.
فإن قلت: ذلك في البقرة، وهذه الآية مكية، فكيف يصحّ إطلاقها عليهم
وليسوا بها؟
والجواب: أن معناه يقول المنافقون إذا حدثوا، ففيه إخبار بالغيب، أو يريد
مَنْ كان بمكة من أهل الشك.
(لِيَفْجُرَ أمَامَه) .
أي يفعل أفعالَ الفجور.
وفي معنى " أمامه " ثلاثة أقوال:
أحدها أنه عبارة عما يستقبل من الزمان، أي يفجر بقيةَ عمره.
الثاني أنه عبارة عن اتباع أغراضه وشهواته، يقال: مشى فلان قدَّامه إذا
لم يرجع عن شيء يريده، والضمير على هذين القولين يعود على الإنسان.
الثالث أَن الضمير يعود على يوم القيامة.
والمعنى يريد الإنسان أن يَفْجرَ قبل يوم القيامة.
(يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ) .
أي يسأل الإنسان على وجه الاستخفاف والاستهزاء متى يوم القيامة.
وهذا لِجَهلِه إما على أن من مات فقد قامت قيامتُه وهو يشاهد الموت بَغْتة، فكيف يستبعدها وليس الخبر كالمعاينة.
لكن الجاهل أعمى، ولا يقال لهذا جاهل بل أحمق.