وأما الكرامتان فقوله: (شَهْر رَمَضان) .
وليلة القَدْر التي هي خَيْرٌ من أَلْفِ
شهر، فالصيام أفضل الطاعات، لأنه يصوم بأمر، ويفطر بأمر: (كلوا واشْرَبُوا) .
والجوع والعطش وغير التمتّع مِنْ عذابِ أهل النار، والله لا يجمَع على الصائم عذابَين، ويعطون الغرف في الجنة بصبرهم، قال تعالى: (أولئك يجْزَون الغرفَة بما صَبَروا) .
وكلّ عمل لا يخلو من وجهين: إما طاعة مع الغَفْلة، أو مَعصِية مع الشهوة، فجعل الله قبول الطاعة بالصوم قوله: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) ، وجعل غُفْرانَ المعصية بالصوم، قال تعالى: (ومَنْ قتل مؤمناً. . . فصيام شهرين. . .) .
وانتهاء المناهي أفضل من ائتمار الأوامر، ألا ترى أنه قال: (مَنْ جاء بالحسنة
فله عشر أمثالها) .
قال: (ونهى النَّفْس عن الْهَوَى) .
والصوم من انتهاء المناهي، والزّهد في الحلال أفضل من الزهد في الحرام، والصوم من الزهد في الحلال، وفي نداء عباده تعالى بالإيمان من اللطائف والفضائل ما لا يحيط بها إلا هو، كأنه سبحانه يقول: يا مَنْ أقْرَرْتم بوَحْدَانيتي، وعرفْتم دَيموميتي، لا تَقْنَطوا من رحمتي.
قال بعضهم: النداء على عشرين وجهاً:
خمس من الله في الدنيا، وخمس للآدميين في الدنيا، وخمس من الملائكة في
الدنيا، وخمس من الملائكة في الآخرة.
أما الذي من الله فنداء الجنس: (يا أيها الناس) .
ونداء النسبة: (يا بني آدم) .
(يا بني إسرائيل) .
ونداء المدحة: (يأيها الذين آمنوا) ، لأن الله جمع أوصافَ المؤمنين
ونُعوتهم ومعانيهم في هذا النداء، لأنه لم تَبْقَ حسنة إلا دخلت تحته، كما أن الله عَلَم على ذاته القدسية، ومَن ذكره فكأنما ذكر جميع أسمائه التي هي ألفُ اسم ثلاثمائة في التوراة، وثلاثمائة في الإنجيل، وثلاثمائة في الزَّبور، وواحد في صُحف إبراهيم، وتسع وتسعون في القرآن، فأوَّل جميع الكتبِ اللهُ.
ونداء المذمة: (يأيها الذين كفروا لا تَعتَذِروا اليوم) .