وإِبراهيم سأل عن كيفية القدرة، فقال: (كيف تحيى الموتى) ، لأن قوله (أنى) بمعنى كيف، إذ لا يشكّ في الله في القدرة، فسؤاله إنما كان على جهة الاستخبار لا الإنكار، كما زعمه بعضهم.
وقيل: إن إبراهيم عرف بالقلب، فأراد أن يرى بالعَيْن، وذلك أنه لما قال
النمرود: (أنا أُحيي وأميت) ، فقتل رجلاً وأحيا آخر، فقال إبراهيم:
(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى) ، لأني أعلم أنه ليس فعلك كفعله، فأراه
الله ذلك في أربعةٍ من الطير، وفَرَّق أجزاءَها، وجعل جزءاً من الحمام مع جزءٍ من الدّيك، وخلط بعضَها مع بعض، ليكون أبلغ في القدرة حيث رجع كلّ جزء إِلى صاحبه، فاطمأنّ قلْبُه كما طلب، ولهذا كانت هذه الطير طير العبرة، وطير المحنة الطاوس الذي كان سبب خروج آدم من الجنة.
وطير التجربة الحمار الذي كان لنوح في السفينة حتى دخل إبليس بين قوائمه.
وطير الفتنة لداود حيث تسوّرَ له في المحراب.
وطير الهلكة لسليمان.
وطير الحجة لعيسى حيث صوَّره من طين، ونفخ فيه، فصار طائراً بإذن الله.
وطير الكرامة لمحمد - صلى الله عليه وسلم -.
وطير اللعنة للنمرود حيث دخل في خياشيمه وهي البعوض، وأمهله ثلاثةَ أيام، لعله يتوب.
وطير الهلكة للحبشة لما أرادوا هَدْم الكعبة، فأرسل الله عليهم طَيراً أَبَابِيل
تَرميهم بحجارة من سِجِّيل، على كل واحد اسم صاحبه.
وطير المعرفة للعارفين يطير حتى يتعلق بالمولى سبحانه (١) .
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) .
أي إن لم تنتهوا عن الربا حورِبْتم.
ومعنى (فَأْذَنُوا) : فاعلموا.
وقرئ بالمد، أي أعْلِموا غيركم.
(فاكْتُبوه) :
ذهب قوم إلى أنَ كتابةَ الدَّيْن واجبة بهذه الآية.
وقال قوم: إنها منسوخةٌ بقوله: (فإنْ أمِنَ بعضكم بعضاً) .
وقال قوم: إنها على الندب.
(فرَجلٌ وامْرَآتان) :
قال قوم: لا تجوز شهادةُ المرأتين إلاَّ مع عدم الرجال.
(١) كلام يفتقر إلى سند صحيح، وفي بعضه من الإسرائيليات ما فيه.