والجواب: أنه قصد التنويه على كثرة إنفاقه ومبادرته إلى أفعال البِرّ كيفما
أمكنه، وبدأ بالسر، لأنه أفضل.
(فكفَرَتْ بأنْعُمِ الله) :
الضمير للقرية المذكورة في المثل.
واختلف فيها، فقيل مكة، لأنها كفرت بنبوءة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فأصابهم الجَدْب والخوف من غَزْو النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم.
وقيل: إنما قصد قريةً غير معينة أصابها ذلك، فضرب الله بها مثلاً، وهذا أظهر، لأن المراد وعظ أهلِ مكة بما جرى لغيرهم، والضمير في قوله: (فأذاقَها الله لِبَاسَ الجوع والخَوْف) لأهل القرية: فاعل قوله: بما كانوا يصنعون.
والإذاقة واللباس هنا مستعاران، أمّا الإذاقة فقد كثرَ استعمالها في البلايا حتى صارت كالحقيقة.
وأما اللباس فاستعير للجوع والخوْف لاشتمالهما على اللّابس ومباشرتهما له كمباشرة الثوب.
(فحقً عليها القَوْلُ) ، أي القضاء الذي قضاه الله.
والضمير يعود على القرية التي أمر مُتْرَفيها ففسقوا فيها، أي قضينا عليه بالفِسق.
وعلى قراءة مدّ الهمزة من (آمرنا) فهو بمعنى كثّرنا.
وقراءة أمَّرنا - بتشديد الميم فهو من الإمارة، أي جعلهم أمراء ففسقوا.
(فَضَلْنَا بعْضَهم على بَعْضٍ) :
أي في رزق الدنيا، ليتخذ بعضهم بعضاً سخْرياً.
(فَاسأَلْ بني إسرائيل إذْ جاءَهم) :
هذه الآية خطاب لنبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومعناها سلَ الْمعاصرين لكَ من بني إسرائيل عما ذكرنا من قصة موسى، لتزدادَ بذلك يقينا.
وقال الزمخشري: المعنى قلنا لموسى: سَلْ بني إسرائيل من فرعون، أي اطْلُب منه أنْ يرسلهم معك، فهو كقوله: (أرسل معي بني إسرائيل) .
أو سلهم أن يعضدوك ويكونوا معك.
وهذا أيضاً على أن يكون الخطاب لموسى.
والأول أظهر.