والثالث - من جهة الزمان، كالناسخ والمنسوخ، نحو: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) .
والرابع - من جهة المكان والأمور التي نزلت فيها، نحو: (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا) ، (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ) .
فإن مَنْ لا يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه تفسير هذه الآية.
والخامس - من جهة الشروط التي يصح بها الفعل ويفسد، كشروط الصلاة
والنكاح.
قال: وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون في تفسير
المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم.
ثم جميع المتشابه على ثلاثة أضرب:
ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه، كوقت الساعة، وخروج الدابة، ونحو
ذلك.
وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته، كالألفاظ الغريبة، والأحكام الغلقة.
وضرب متردد بين الأمرين يختص بصرفته بعض الراسخين في العلم، ويَخفَى
على مَنْ دونهم، وهو المشار إليه بقوله - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: اللهم فقِّهْهُ في الدين، وعلمه التأويل.
وإذا عرفت هذه الجملة عرفت أن الوقوف على قوله: (وما يَعْلَم تأويلَه إلا
اللهُ) ، ووصله بقوله: (والراسخون في العِلْمِ) - جائزان، وأن لكل واحد منهما وجهاً حسبما دل عليه التفصيل المتقدم. انتهى.
وقال الإمام فخر الدين: صرف اللفظ عن الراجح إلى المرجوح لا بد فيه من
دليل منفصل، وهو إما لفظي وإما عقلي.
والأول لا يمكن اعتباره في المسائل الأصولية، لأنه لا يكون قاطعا، لأنه موقوف على انتفاء الاحتمالات العشرة