للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: لم حذف من هذه الآية اسم فرعون وأثبته في الشعراء؟

والجواب أنه تقدم ذكره في قوله: (اذْهَبَا إلى فرعون إنّه طغَى) - فلم تكن

إعادة اسمه ظاهراً مع الاتصال والقرب، إذ لم يفصل بين ظاهره ومضمره إلا

كلمتان.

أما آية الشعراء، فوَجْه إظهارِه أنه قد اجتمع فيها أمران:

أحدهما: الفصل بين مضمر الاسم وظاهره، مع إتيان الظاهر مضافاً إليه

فَضْلُه إلى ما ذكر من الفَضْل ببضع وعشرين كلمة.

والثاني: أمر موسى عليه السلام أولاً، وإنما أورد بإتيانه قوم فرعون.

قال تعالى: (وإذ نادى ربّك موسى) ، فقد يتوهم أن الجاري على هذا أن لو قيل عوض قوله: فأتيا فرعون - فأتهم - إلا أنه لم يقصد

ثانياً إلا ذكر متبِعيه، فلم يكن بدّ من الإفصاح باسمه غير مضمر.

وأما قوله تعالى في الأولى: فقولا إنا رسولا ربك - بتثنية لفظ " رسولا "

فوارد على اللغة الشهيرة.

وأما قوله في الثانية: (إنا رسول ربِّ العالمين) - فعلى لغة مَنْ يقول رسول للواحد والاثنين والجماعة والذكر والمؤنث، فورد الأول في

الترتيب الثابت على اللغة الشهيرة، والثاني على اللغة الأخرى، على ما قد تقدم في مثل هذا.

وعَكس الوارد مخالف للترتيب، ولا يناسبه.

وأما قوله: (إنّا رسولَا ربك) بإضافة اسمه تعالى إلى ضمير الخطاب فإنه يناسب من حيث ما فيه من التلطف والرفق لما تقدمه من قوله تعالى: (فقولَا لَهُ قَوْلاً ليِّناً) .

وقد تفسر هنا القول، وتبيَّن ما فيه من التلطّف في قوله تعالى في آية النازعات: (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩) .

وناسب هذا ما بنيت عليه سورة طه من تَأنيس نبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتأنيس موسى كليمه بقوله: (وأنَا اخْتَرْتك فاسْتَمِعْ لما يُوحَى) ، وما بعده إلى قوله: (قد أُوتِيتَ سؤْلَكَ يا موسى) ، وما بعده.

فلما كان مَبْنَى هذه السورة

<<  <  ج: ص:  >  >>