والجواب لما ذكر أنَّ الأرضَ خُلِقَتْ في يومين عُلم أن ما فيها خلق في يومين.
فبقيت المخايرة بين أن يقول في يومين، وأن يقول في أربعة أيام، فتلك أربعة
أيام، ثم خلق السماوات في يومين، فتلك ستة أيام حسبما ذُكر في مواضع كثيرة من القرآن، ولو كانت هذه الأربعة الأيام زائدة على اليومين المذكورين قبلها لكانت الجملةُ ثمانية أيام، بخلاف ما ذكر في مواضع كثيرة.
قال بعض العلماء: إن الله تعالى خلق السماوات والأرض في يوم الأحد، فمن أراد البناء فليبن فيه، وخلق الشمس والقمر في يوم الإثنين وصفتهما السير، فليسافر فيه، وخلق الحيوان يوم الثلاثاء، وأباح ذَبْحها وإراقةَ دمها، فمن أراد الحجامة فيه فليحتجم فيه، وخلق البحار والأنهار يوم الأربعاء وأباح شربها، فمن أراد شرب الدواء فليشرب فيه، وخلق الجنة والنار يوم الخميس وجعل الناس محتاجين إلى دخول الجنة والنجاة من النار، فمن أراد قضاءَ الحوائج
فليسأل فيه، وخلق آدم وحواء يوم الجمعة وزوجهما فيه، فمن أراد عقد التزويج فليتزوج فيه، أخذه من قول الإمام علي رضي الله عنه:
لنعم السبت يوم السبت حقا ... لصيدٍ إن أردْتَ بلا امترا.
وفي الأحد البناء، لأن فيه ابْتدأ اللَّهُ خَلْقَ السماء
وفي الإثنين أسفار وربح ... وأمْنٌ في الطريق وفي العطاء
وإنْ ترد الحجامة فالثلاثا ... ففي ساعتها هرق الدماء
وإن شرب امرؤ يوماً دواء ... فنعم اليوم يوم الأربعاء
وفي يوم الخميس قضا حوائِج ... وفيه الله يأذن بالقضاء
ويوم الجمعة التزويج فيه ... ولذات الرجال مع النساء
وهذا العلم لا يحويه إلا ... نَبيّ أوْ وَصِيّ الأنبياء
فإن قلت: كيف ذكر الأيام التي خلق الله فيها المخلوقات، وإنما تعتبر
بوجود الشمس؟
والجواب أنه يحتمل أن يجعلها على التقدير، وإن لم تكن الشمس خُلقت