وقوله: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) ، أي عقوبته، وقيل إياه.
وقال السُّهَيْلي: النفس عبارة عن حقيقة الوجود دون معنى زائد.
وقد استعمل من لفظها النفاسة، والشيء النفيس، فصلحت للتعبير عنه سبحانه.
وقال ابن اللبان: أوَّلَهَا العلماء بتأويلات، منها أن النفس عبّر بها عن الذات، قال: وهذا وإن كان سائغاً في اللغة، ولكن تعدي الفعل إليها بفي المفيد للظرفية محال عليه تعالى.
وقد أوّلها بعضهم بالغيب، أي ولا أعلم ما في غيبك وسرك.
قال: وهذا حسن، لقوله آخر الآية: إنك أنْتَ علاّم الغيوب.
ومن ذلك " الوجه "، وهو مؤَوَّل بالذات.
وقال ابن اللبان - في قوله: (يريدون وَجْهَه) .
(إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ) الدهر: ٩.
(ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ) .
المراد إخلاص النية.
وقال غيره في قوله: (فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) ، أي الجهة التي أمر بالتوجه إليها.
ومن ذلك "العَيْن"، وهي مؤولة بالبصر أو الإدراك، بل قال بعضهم: إنها
حقيقة في ذلك، خلافاً لتوهم بعض الناس أنها مجاز، وإنما المجاز في تسمية
العضو بها.
وقال ابن اللبان: نسبة العين إليه تعالى اسم لآياته المبصرة، بها سبحانه ينظر
للمؤمنين وبها ينظرون إليه.
قال: (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً) .
نسب البصر للآيات على سبيل المجاز تحقيقاً لأنها المرادة المنسوبة إليه.
وقال: (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا)
قال: فقوله: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) .
أي بآياتنا تنظر إليها بنا وننظر بها إليك، قال: ويؤيد أن المراد بالأعين الآيات