وأطمعهم بأن يأتيهم بنار يصطلون بها، أو خبرٍ يهتدون به - إلي الطريق الذي
ضلوا عنه، ولكنه نقص من النمل رؤية موسى النار وأمْره أهله بالمكْثِ
اكتفاء بما تقدم، وزاد في القصص: قضاء موسى الأجَل المضروب وسيره بأهله إلى مصر، لأن الشيء قد يُجْمَل ثم يفصَّل، وقد يفصَّل ثم يجمل، وفي طه فَصل ثم أجمل، تم فَصل في القصص، وبالغ، فيه، وقوله في طه:
(أو أجِدُ على النار هدى) ، أي مَن يخبرني بالطريق فيهديني إليه، وإنما أخّر ذلك الخبر فيها وقدمه فيهما مراعاةً لفواصل الآي في السور جميعاً، وكرر (لَعَلي) فِي القصص لفظاً وفيهما معنى، لأن (أو) في قوله: (أو أجد) نائب عن (لعلي) .
وقوله: (سآتيكم) تضمن معنى لعلي.
وفي القصص: (أو جَذْوة من النار) ، وفي النمل: (بشهابِ قَبَس) ، وفي طه (بقَبَس) : فهي في السور الثلاث عبارة عن معبَّرٍ [معنى] واحد، وهذا برهان لامع.
(قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) .
أي أعطيتك كل ما طلبتَ من الأشياء المذكورة.
(قد جئناكَ بآيةٍ من ربك) :
يعني قَلْب العصا حيَّة، وإخراج اليَدِ بيضاء، وإنما وحدها وهما اثْنان، لأنه أراد إقامةَ البرهان، وهو معنى واحد.
(قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) :
قرئ إن هاذين بالياء ولا إشكال في ذلك، وقرئ بالتخفيف، وهي مخففة من الثقيلة، وارتفع بعدها هذان بالابتداء.
وأما عَلَى قراءةِ.
نافع وغيره بتشديد (إنَّ) ورَفْع (هذان) فقيل: إنَّ هنا بمعنى نعم، فلا تنصب، ومنه ما روِي في الحديث: إنَّ الحمدُ لله بالرفع.
وقيل اسم إنَّ ضمير الأمر والشأن، تقديره إن الأمر، وهذان لساحران مبتدأ
وخبر في موضع خبر إن.
وقيل: جاء في القرآن في هذه الآية بلغة بلحارث بن كعب، وهي إبقاء التَّثنية بالألف في حال النصب والخفض، وقالت عائشة: هذا مما لحن فيه كاتبُ المصحف (١) .
(١) لم يثبت ذلك ولم يصح عن أم المؤمنين - رضي الله عنها - وهو من وضع الزنادقة.