وقد اضطرب الناسُ في تفسير الشاهد والمشهود اضطراباً عظيما، ويتلخص
من أقوالهم في الشاهد ستة عشر قولا، يقابِلُها في المشهود اثنان وثلاثون قَولا:
قيل الشاهد هو الله تعالى، لقوله: (وكفى بالله شهيدًا) .
والمشهود على هذا يحتمل ثلاثة أقوال:
أحدها أن يكون الخلق، بمعنى أنه يشهد فيه، أي يحضر للحساب والجزَاء، أو تقع فيه الشهادةُ على الناس.
وقيل إن الشاهد محمد - صلى الله عليه وسلم - لقوله: (ويكون الرسولُ عليكم شهيدًا) .
والمشهود على هذا يحتمل أن يكون أمته، لأنه يشهد عليهم، أو أعمالهم، لأنه يشهد بها، أو يوم القيامة، لأنه يشهد فيه، أي يحْضر، أو تَقَع
فيه الشهادة على الأمة.
وقيل الشاهد أمَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - لقوله: (وتكونوا شُهَداءَ على الناس) .
والمشهود على هذا سائر الأمم، لأنهم يشهدون عليهم، أو أعمالهم، أو يوم
القيامة.
وقيل الشاهد عيسى عليه السلام، والمشهود أمَّتُه، لقوله: (وكُنت عليهم
شهيداً ما دُمْتُ فيهم) .
أو أعمالهم، أو يوم القيامة.
وقيل إن الشاهد جميع الأنبياء، والمشهود أممهم، لأن كل نبيٍّ يشهد على أمته:
أو يشهد بأعمالهم، أو يوم القيامة لأنه يشهد فيه.
وقيل إن الشاهد الملائكة الحفَظة.
والمشهود على هذا أعمال الناس، لأن الملائكة يشهدون بها، أو يوم القيامة، أو صلاة الصبح، لقوله: (إنَّ قرآن الفَجْرِ كان مشهوداً) .
وقيل إن الشاهد جميعُ الناس، لأنهم يشهدون يوم القيامة، لقوله: (وذلك
يوم مشهود) .
وقيل: الشاهد الجوارح، والمشهود عليه أصحابُها، لقوله: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ) .