قال: هذه الحكمة إجمالية.
وأما أسباب التقديم وأسراره فقد ظهر لي منها في الكتاب العزيز عشرة أنواع:
الأول: التبرك، كتقديم اسم الله في الأمور ذوات الشأن.
ومنه قوله: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) .
وقوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) .
الثاني: التعظيم، كقوله: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ) .
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) .
(وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) .
الثالث: التشريف، كتقديم الذَّكَرِ على الأنثى في نحو: (إنَّ المسلمين
والمسلمات) .
والحر في قوله: (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) .
والحي في قوله: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) .
(وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ) .
والخيل في قوله: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا) .
والسمع في قوله: (وعلى سمعهم وعلى أبصارهم) .
(إنَّ السَمْعَ والبَصَر والفُؤاد) .
وقوله: (إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ) .
حكى ابن عطية - عن النقَّاش أنه استدل بها على تفضيل السمع على البصر، ولذا وقع في سمعه تعالى: (سميع بصير) ، بتقديم السمع.
ومن ذلك تقديمه - صلى الله عليه وسلم - على نوح ومن معه في قوله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) .
وتقديم الرسول في قوله: (مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ) الحج: ٥٢.
وتقديم المهاجرين في قوله: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ) .
وتقديم الإنس على الجن حيث ذُكرا في القرآن.
وتقديم النبيين على الصديقين، والشهداء على الصالحين في آية النساء.