فالجواب: هو الظاهر، فإنه لا يظهر لرعيها في النور أثر.
والظاهر الأول لاختلاف طَعْم عسلها بالحلاوة والمرارة بحسب ما ترعى، ولو رَعَت الترنجبيل فقط لاتَحَدَ طعْم عسلها.
وأيضاً فالترنجبيل عند الأطباء بارد، والعسل حار.
فإن قلت: يكتسب الحرارة من النحل؟
قلنا: نجد عسل السعتر والخلنج أشدّ حرارة من عسل الإكليل، ولو كان منها لما اختلف.
فإن قلت: قد قال تعالى: (فيه شفاءٌ للناس) ، فهل هو عام
أو مطلق؟
فالجواب: ليس على العموم، ولأنَّ الأمزجة مختلفة، فإنما هو شفاء لمن مازجه
البلغم أو السوداء في بعض الأحيان.
فإن قلت: كيف يكون شفاءً لصاحبِ الصفراء والسوداء مع اختلاف
أمزجتهما، لأنه إن كان عندكم يقمع الصفراء فلا يقمع نقيضها؟
وأجيب: بأنّ الترياق يقوي الروح، فتتقوى الغريزة النفسية، فتغلب على
الطبيعة المزاجية، فتقمعها، فصحَّ بذلك كونه دواءا للشيء ونقيضه.
وقال أرسططاليس: إنه شفاء من مائة داء خاصّة.
(وعلى اللهِ قَصْد السبيلِ) :
يعني أن من الناس مَنْ هداه الله بالدلائل العقلية، فاهتدى، ومنهم من ضَلّ فجار وخالَفها.
(ومنه شَجَرٌ) :
يريد به كَلأ الأرض، ولفْظ الشجر مشترك بين الجزء والكل.
وقال عكرمة: الشجر ما ليس له ساق.
(وسَخَّر لكم الليلَ والنَّهار) .
في تقديم الليل ما يدلّ على أنه عدم، والعدم سابق على الوجود، أو لأن العرب إنما يؤَرخون بالليالي، وأول الشهر ليلة، وفي هذا دليل على أن الليل أفضَل من النهار، لأن التقديم يُؤْذِن بالفضل، ومعراج الخليل، وإدريس، وتكليم موسى الكليم، وعيسى