(وذَكِّرْهُم بأيَّام الله) :
التذكير لقوم موسى سببٌ في إخراجهم من الظلماتَ إلى النور، واللفظُ يعمّ النعمَ والنقَم، فإذا علموا عقوبتَه تعالى للأمم المتقدمة حرَّكوا أنفسهم للإخراج من الكفر.
فإن قلت: كان حقه أنْ يقدم السببَ على المسبب، فَلِمَ أخَّرَه عنه، وما
الفائدة في تعبيره عنه بالأيام؟
والجواب: أن التذكير هو الموعظة، والدعاء إلى الإسلام متقدِّم عليها.
والموعظة إنما تكون بعد ذلك، لأنه يريهم المعجزةَ ابتداء، فإذا آمنوا وعظهم
ليدوموا على إيمانهم.
وعبَّرَ عنه بالأيام، لأن العقوبةَ كانت في أيام، وذلك تعظيم
لها، كقولهم: يوم كذا.
(ويَسْتَحْيون نساءكم) :
لما أخبر فرعون أنه يولد من بني إسرائيل مولود يكون سببَ هلاكه صار يَذْبَحُ المذكور، ويَسْتَحْيي النساء كما قدمنا.
فإن قلت: هَلاَّ قال: يستحيون بناتكم، ليوافق أبناءكم؟
والجواب: أن البنات في حالِ صغرهنَّ لا مؤونة منهنَّ ولا مشقة، وإنما يلحق
آباءهم المؤونة والمشقة إذا كبرن وصِرْنَ نساء، وفيها إشارةٌ إلى الوصف الذي لأجله أحيوا البنات وهو بقاؤهن حتى يكبرن فيحتقروهن ويذلّوهن لبقائهن بغير رجال.
فإن قلت: هذا العطف بـ يذَبحون ويستحيون على يسومونكم مشكل، لأن
العطفَ يقتضي المغايرة، فإن كان السوم هو الذبح لزم عطْفُ الشيء على نفسه، وإن كان غيره لزم تفسير الشيء بغيره؟
والجواب: أنه غيره.
لكنه أعَمّ منه، فالسَّوْمُ هو أوائل العذاب ومقدماته، والذبح أخصُّ منه.
فإن قلت: ما الفرق بين هذه الآية وآية البقرة في عطفه هنا بالواو؟