وقيل: إنَّ الضمير يعود على يأجوج ومأجوج، والأول أرجح، لقوله بعد ذلك: (ونفخ في الصور فجمَعْنَاهم جَمعاً) .
(وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا) :
قد قدمنا أن هذا استعارة للشيب، من اشتعال النار، وهذا القول من زكرياء حين ضعف فطلب من الله أنْ يهب له الولد.
(ولم أكنْ بدعَائِكَ رَبِّ شَقِيا) :
أي قد سعدتُ بدعائي لكَ فيما مضى.
فاستجِبْ لي في هذا، فتوسَّلَ إلى الله بإحسانه القديم إليه، ولذلك
قيل:
إذا أثنى عليكَ المرء يوماً ... كفى من تعرّضه الثناء
(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي) ، أي من بعدي.
قيل: خاف أن يرثه أقاربه دون نَسْله (١) .
وقيل: خاف أنْ يضيِّعوا الدِّينَ من بعده، فطلب من
الله إقامة دينه، ولهذا قال: (واجعله رَبّ رَضِيًّا) ، فاستجاب الله
دعاءه وبشّره بيحيى الذي لم يجعل له من قبل سمِيًّا.
(واهْجرْنِي مَلِيًّا) :
عطف (اهجرني) على محذوف تقديره: احذر رَجمي لك حينا طويلا.
وقال هذا لإبراهيم لما أَيِس من اتَباعه.
(وَفْدًا) :
قد قدمنا أنَّ الوفد هو الراكب، وسرُّ تخصيص المتقين بالوفد لإكرامهم.
وقد صح أنهم يُحْشرون ركباناً.
وأما الكفار فـ (عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ) .
(وَزِيراً) .
أي معيناً، وإنما طلب موسى أخاه ليشدَّ به أزْرَه، أي يقوِّيه.
ويؤخذ منه الاستعانة على الأمور بمَنْ هو أقوى، ولذلك قال موسى
(وأخي هارون هو أفْصَح مني لسانًا) .
(وإنَّ لكَ موعدًا لن تخْلَفَه) :
يعني العذابَ في الآخرة زيادة على عذاب الدنيا، وكان عذابه في الدنيا كما قال: (فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ) .
(١) هذه الأمور الصغيرة يترفع عنها مقام الأنبياء، ومن ثَمَّ فلا يجوز نسبة ذلك وما شابهه لهم - صلى الله عليهم وسلم. والله أعلم.