(وكذلك جَعَلْنا لكل في عَدُوًّا مِنَ المجرمين) :
العدوُّ هنا جمع، والمراد تسلية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتأسِّي بغيره من الأنبياء.
(وقُروناً بين ذلك كَثِيرا) :
يقتضي التكثير والإبهام، والإشارة بذلك إلى أصحاب الرسِّ وثمود وغيرهم.
(وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا) :
قد قدمنا في حرف الباء والحاء أنَّ معناه الحاجز، وضمير التثنية يعود على البحرين، لا يختلط أحدهما بالآخر، وأغربُ منه وجود اللبن مِنْ بين فَرْثٍ ودم، ووجود الشهد والسم في النحل، فالسمّ سبَب هلاك الأحياء، والشّهْدُ سببُ شفاء المرضى، وجعل بينهما حاجزًا لا يختلطُ أحدهما بالآخر، وكذلك جعل في المؤمن النفس والْقَلْبَ، فالنّفْس تميلُ إلى الدنيا، والقلب يميل إلى العقبى، فأعطى له الدين مع الدنيا، وجعل بينهما حاجزاً، فلا تضر الدنيا مع الدين بفَضْلِه وكرمه.
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ) .
لأنَّ ما سواه يموت، والاعتزاز بمن يموت لا يبقى، فكيف يعتزّ مخلوقٌ بعد هذه الآية بمخلوق مثله، أفٍّ لقالب بلا قلب! لقد عميت بصيرتنا، وأظلمت سريرتُنا فظهرنا بالصلاح والتوكل للمخلوقين، وقَلْبنا خَلِيّ عن رب العالمين.
(وسيَعْلَم الذين ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلبِ ينْقَلِبون) :
هذا وعيد لمن ظلم أحدًا من خلق الله.
وعملَ ينقلبون في أي.
وقيل إن العامل في (أيّ سيعلم.
(وسبحانَ اللهِ رَبِّ العالمين) :
نزَّه الله نفسَه مما عسى يكون ببال السامع في معنى النداء، وفي قوله: (بُورِكَ مَنْ في النار) ..
إذ قال بعض الناس فيه ما يجب تنزيه اللهِ عنه.
(وأوتينا من كل شيء) :
عموم معناه الخصوص.
وقد قدمنا أن المرادَ بقول سليمان هذا التكثير، كقولك: فلان يَقْصِده كلّ أحد.
ويحتمل أن يريد نفسه وأباه، أو نفسه خاصة على وَجْه التعظيم، لأنه كان ملكاً.