وأقول لا انتقاضَ بشيء من ذلك عند التأمل، فإنَّ اللام في الإحسان
للجنس فيما يظهر، وحينئذ يكون في المعنى كالنكرة، وكذا آية النّفْس والحر، بخلاف آية العسر، فإنَّ " أل " فيها إما للعَهْد أو للاستغراق كما يفيد الحديث، وكذا آية الظن لا نسلم أنَّ الثاني فيها غير الأول، بل هو عينه قطعاً، إذ ليس كلّ ظن مذموماً، كيف وأحكام الشريعة ظنية، وكذا آية الصلح لا مانع من أن يكونَ المراد منها الصلح المذكور، وهو الذي بين الزوجين.
واستحباب الصلح في سائرِ الأمور، ويكون مأخوذاً من السنَّة أو من الآية بطريق القياس، بل لا يجوز القول بعموم الآية، وأنَّ كلّ صلح خير، لأنَ ما أحلّ حراماً من الصلح، أو حرًم حلالاً فهو ممنوع، وكذا آية القتال ليس الثاني فيها عَيْن الأول بلا شك، لأن المراد بالأول المسؤول عن القتال الذَي وقع في سَرِيّة ابن الحضرمي سنة اثنتين من الهجرة، لأنه سبب نزول الآية.
والمراد بالثاني جنسن القتال لا ذاك بعينه.
وأما آية:(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) ، فقد أجاب عنها الطيبي بأنها من باب التكرير لإفادة أمْر زائد، بدليل تكرير
ذكر الرب فيما قبله من قوله:(سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ) .
ووجه الإطناب في تنزيهه سبحانه عن نِسبةِ الولد إليه.
وشرط القاعدة ألاَّ يقصد التكرير.
وقد ذكر الشيخ بهاء الدين في آخر كلامه: أن المراد بذكر الاسم مرتين
كونه مذكوراً في كلامٍ واحد أو كلامين بينهما تواصل بأن يكون أحدهما
معطوفاً على الآخر، أوْ لَهُ به تعلّق ظاهر وتناسب واضح، وأن يكون من متكلم واحد، ودفع بذلك إيراد آية القتال، لأن الأول فيها محكيّ عن قول السائل، والثاني محكيّ من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم.