للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعَوَاري، والبخْل بالهبات، ولهذا يقال: هو ضنين بعلمه، ولا يقال بخيل، لأنَّ العلم بالعارية أشبه بالهِبة، لأن الواهب إذا وهب شيئاً خرج عن مِلْكه، بخلاف العارية، ولهذا قال تعالى: (وما هو على الغَيْبِ بضنِين) ، ولم

يَقل ببخيل.

ومن ذلك السبيل والطريق، والأولُ أغلب وقوعاً في الخير، ولا يكاد اسمُ

الطريق يرَاد به الخير إلا مقترناً بوصْف أو إضافة تخلِّصُه لذلك، كقوله تعالى:

(يَهْدي إلى الحق وإلى طريقٍ مستقيم) .

وقال الراغب: السبيل الطريق التي فيها سهولة، فهو أخص.

ومن ذلك جاء وأتى، فالأول يقال في الجواهر والأعيان.

والثاني في المعاني والأزمان، ولهذا ورد في قوله: (ولمنْ جاءَ بهِ حمْل بَعِير) .

(وجاءوا على قَميصه بدَمٍ كذِب) .

(وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) .

وأتى في: ً (أتَى أمْرُ الله) ، (أتَاهَا أمْرُنا) .

وأما (وجاء ربك) ، أي أمره، فإن المراد به أهوال القيامة والمشاهدة وكذا (فإذا جاء أجَلُهم) ، لأن الأجل كالمشاهد، ولهذا عبِّر عنه بالحضور في قوله: حضره الموت، ولهذا فَرق بينهما في قوله: (جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ) .

لأنَّ الأول العذاب، وهو مشاهد مرئيّ بخلاف الحق.

وقال الراغب: الإتيان: مجيء بسهولة، فهو أخصّ من مطلق المجيء.

ومنه قيل للسيل المارّ على وجهه أتاويّ، وأتيّ.

ومن ذلك مدَّ وأمدَّ، قال الراغب: أكثر ما جاء الإمداد في المحبوب، نحو:

(وأَمْدَدْناهم بفاكهة) .

والمدُّ في المكروه، نحو: (ونمدّ له مِنَ العذَاب مَدًّا) .

ومن ذلك سقى وأسقى، فالأول لما لا كُلفَة فيه، ولهذا ذكر في شراب

الجنة، نحو: (وسقَاهمْ رَبّهم شَرَاباً طَهورا) .

والثاني لما فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>