أكرم عليه من محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا سمعت الله أقسم بحياة مخلوق غيره، قال: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢) .
وقال أبو القاسم القشيري: القسم بالشيء لا يخرج عن وجهين: إما لفضيلة، أو لمنفعة، فالفضيلة كقوله: (وطور سِينِينَ، وهذا البَلَد الأمين) والمنفعة.
نحو: (والتين والزيتون) .
وقال غيره: أقسم تعالى بثلاثة أشياء: بذاته كالآيات السابقة، وبفِعْله نحو:
(والسماء وما بَنَاهَا، والأرْضِ وما طَحَاها، ونفس وما سوّاهَا) .
وبمفعوله نحو: (والنجْم إذا هوى) .
(والطور. وكتابٍ مسطور) .
والقسم إما ظاهر كالآيات السابقة.
وإما مضمر، وهو قسمان: قَسَم دلّت عليه اللام نحو: (لتبْلَوُنَّ في أموالكم وأنفسكم) .
وقسم دل عليه المعنى، نحو: (وإنْ منكم إلاَ وَارِدها) .
تقديره: والله.
وقال أبو علي الفارسي: الألفاظ الجارية مجرى القسم قسمان:
أحدهما ما تكون كغيرها من الألفاظ التي ليست بقَسم، فلا تجاب بجوابه.
كقوله: (وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) .
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ) . البقرة: ٦٣.
(فيَحْلِفون له كما يَحْلِفون لكم) .
وهذا ونحوه يجوز أن يكون قسماً، وأن يكون حالاً لخلوّه من الجواب.
والثاني ما يتلقى بجواب القَسَم في قوله: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) .
(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ) .
وقال غيره: أكثر الأقسام في القرآن المحذوفة الفعل لا تكون إلا بالواو.
فإذا ذكرت الباء أتي بالفعل، كقوله: (وأقسموا بالله جَهْدَ أيمانهم) .
(يحلِفُونَ بالله) .
ولا تجد الباء مع حذف الفعل.