وذكر الكَرْمَاني في العجائب مثله، وقال في سورة ص: بدأها بالذكر
وختمها بقوله: (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٨٧) .
وفي سورة ن بدأها بقوله: (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) .
وختمها بقوله: (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) .
ومنه مناسبة فاتحة السورة لخاتمة التي قبلها، حتى إن منها ما يظهر تعلقها به
لفظاً، عما في: (فجعلهم كعَصْفٍ مَأكول) .
(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) .
فقد قال الأخفش: اتصالها به من باب قوله: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا) .
وقال الكواشي في تفسير المائدة: لما ختم سورة النساء أمراً بالتوحيد والعدل
بين العباد أكد ذلك بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) .
وقال غيره: إذا اعتبرت افتتاح كل سورة وجدته في غاية المناسبة لما ختم به
السورة قبلها، ثم هو يخفى تارة ويظهر أخرى، كافتتاح سورة الأنعام بالحمد، فإنه مناسب لختام المائدة من فصل القضاء، كما قال تعالى: (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٧٥) .
وكافتتاح سورة فاطر بالحمد أيضاً، فإنه مناسب لختام ما قبلها من قوله
تعالى: (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) .
كما قال تعالى: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٥) .
وكافتتاح سورة الحديد بالتسبيح، فإنه مناسب لختام سورة الواقعة بالأمر به.
وكافتتاح سورة البقرة بقوله تعالى: (الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ) .
فإنه إشارة إلى الصراط في قوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) .
كأنهم لما سألوا الهداية إلى الصراط قيل لهم: ذلك الصراط المستقيم الذي سألتم الهداية إليه هو الكتاب.