وقال في شرح المهذب: وأما قراءة السّوَر مِنْ آخرها إلى أولها فمتَّفَقٌ على
منْعِه، لأنه يذهب ببعض نَوْعِ الإعجاز، ويزيل حكمةَ الترتيب.
وأخرج الطبراني بسند جيّد عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل يقرأ القرآن
منكوساً.
قال: ذلك منكوس القَلْب.
وأما خَلْط سورة بسورة فعن الحليميّ: تَرْكه من الآداب، لما أخرجه أبو
عبيد عن سعيد بن المسيَّب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ ببلال وهو يقرأ القرآن من هذه السورة ومن هذه السورة، فقال: ما هذا، قال: أخْلِط الطيب بالطيب.
فقال: اقرأ القراءة على وجهها، أو نحوها.
مرْسل صحيح.
وأخرج عن ابن مسعود، قال: إذا ابتدأت في سورة فأردتَ أن تتحوّل منها
إلى غيرها فتحوَّل إلى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.
فإذا ابتدأت فيها فلا تتحول منها حتى تختمها.
ونقل القاضي أبو بكر الإجماع على عدم جواز قراءة آية آية من كل سورة.
قال البيهقي: وأحسن ما يحتجُّ به أن يُقال: إنَّ هذا التأليف لكتاب اللَه
مأخوذٌ من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخذَه عن جبريل، فالأولى بالقارئ انْ يقرأه على التأليف المنقول.
وقد قال ابن سيرين: تأليف الله خَيْرٌ من تأليفكم.
قال الحليمي: ويستحبُّ استيفاءُ كلِّ حرف أثبته قارئ ليكون قد أتى على
جميع ما هو قرآن.
قال ابن الصلاح والنووي: إذا ابتدئ بقراءة أحد من القُرّاء
فينبغي ألاَّ يزال على تلك القراءة ما دام الكام مرتبطا، فإذا انقضى ارتباطه فَلَه أن يقرأ بقراءة آخر.
والأولى دوامه على هذا في هذا المجلس.
وقال غيرهما بالمنع مطلقا.
قال ابن الجزري: والصواب أن يقال: إن كانت
إحدى القراءتين مرتبة على الأخرى منع ذلك مَنْع تحريم، كمن يقرأ فتلَقَّى آدم من ربه كلمات.
برفعهما أو بنصبهما، أخذ رفع آدم من قراءة ابن كثير، ورفْع
كلمات من قراءته، ونحو ذلك مما لا يجوز في العربية واللغة.
وما لم يكن كذلك