للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: إنه إنما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد.

الثانية: أن ينفُثَ في روعه الكلام نَفْثاً، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: " إن روحَ القُدس نَفث في روعي ".

أخرجه الحاكم، وهذا قد يرجع إلى الحالة الأولى أو التي بعدها.

بأن يأتي في أحد الكيفيتين وينفث في رُوعه.

الثالثة: أن يأتيه في صفة الرجل فيكلمه، كما في الصحيح: وأحياناً يتمثَّلُ لي

الملك رجلا فيكلمني فأعِي ما يقول - زاد أبو عَوَانة في صحيحه: وهو أهونُه

عليَّ.

الرابعة: أن يأتيه الملَك في النوم.

وعدّ قوم من هذا سورة الكوثر، كما رَوَى مسلم عن أنس قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا إذ أغْفَى إغفاءةً ثم رفع رأسه

متبسماً، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله، فقال: أنزل عليَّ آنفا سورة الكوثر ... الخ.

وقال الإمام الرافعي في أماليه: ففهموا من الحديث أنها نزلت في تلك

الإغفاءة.

وقالوا: مِنَ الوحي ما كان يأتيه في النوم، لأن روْيا الأنبياء وحي.

قال: وهذا صحيح، لكن الأشبه أن يقال: إن القرآن كله نزل في اليقظة، وكأنه خطر له في النوم سورة الكوثر المنزّلة في اليقظة، أو عُرِض عليه الكوْثَر الذي وردت فيه السورة، فقرأها عليهم، وفسرها لهم.

قال: وورد في بعض الروايات أنه أغمي عليه.

وقد يحمل ذلك على الحالة التي كانت تَعْتَريه عند نزول الوحي.

ويقال لها بُرَحاء الوحي.

قلت: الذي قاله الرافعي في غاية الاتجاه، وهو الذي كنتُ أميل إليه قبل

الوقوف عليه.

والتأويل الأخير أصح من الأول، لأن قوله إنما يدفع في كونها

نزلت قبل ذلك، بل نقول: نزلت في تلك الحالة، وليست الإغفاءة إغفاءةَ نوم، بل الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي، فقد ذكر العلماء أنه كان يؤخذ عن الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>