للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(من أسَرّ القَوْلَ وَمَنْ جَهر به) :

المعنى أن الله يسمع كل شيء، فالجهر والإسرار عنده سواء، ولذلك أتى به بعد قوله: (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ) .

فإن قلت: قوله تغيض الأرحام قرينة في الخصوص؟

فالجواب أنَّ الفخر والآمدي قالا: إن العامَّ إذا عقب بصنف من أصنافه

فمذهب مالك والشافعي بقاؤه على عمومه.

وقال الثوري: هو مقصور على ذلك الصنف، فقوله: (وما تغيض

الأرحام) - وإن كان لا يصدق إلا من الآدميات لا يخصِّصه.

وذكر المؤرخون أنه كان في بلد " سَلاَ " عشرة ملوك ولِدوا من بطن واحدة.

قال ابن عطية: وقع لمالك ما يدلُّ على أنَّ الحامل عنده لا تحيض.

ومذهب ابن القاسم أنها تحيض.

قيل لابن عرفة: يلزم من قولكم إنها تحيض ألا يكون

الحيض دليلاً على براءة الرَّحم، فكيف جعلتموه دليلاً على براءة الرحم في العدّة والاستبراء، فقال: إنما حكمنا بالمظنة.

فقلنا: هو مظنة لبراءة الرحم، فتخلفه في بعض الأحيان لا يقدح، كما أن الغَيْمَ وزمن الشتاء مظنّة لنزول المطر.

وقد يتخلَّف.

فإن قلت: لم قدم النقص على الزيادة؟

فالجواب لأن الأصل عدم الزيادة.

فإن قلت: (سواء) ، مصدر في الأصل، وهو خبر عن قوله:

مَنْ أسَّر القول، والمصادر لا تكون أخباراً عن الجثة، فهل هو كقولك: زيد

عدل.

قال الكوفيون: أي ذو عدل، وجعله البصريون نفس العدالة مبالغة

ومجازاً.

والجواب أنه ليس مثله، وإنما جاز الإخبار هنا لأنّه ليس خبراً عن الذات.

بل عن المجموع.

قيل لابن عرفة: هلاَّ قال سواءٌ عنده ولم يقل منكم، ليعمَّ

الكلام الإنسان والجن.

بل ذكر الجن كان يكون أوْلى، لأنهم أجهل وأشد مكراً

<<  <  ج: ص:  >  >>