وأجاب الزمخشري بأمرين:
أحدهما أمَّا أنهم سموها آلهة وعبدوها، فهو على نحو ما كانوا يعتقدون.
وردَّة ابن عرفة بأنه إقرار لهم على معتقدهم.
وأما أنهم عاملوها معاملة من يعقل فروعي فيه المشاكلة بينه وبين من يخلق.
ورَدَّه ابن عرفة بأن المشاكلة إنما تكون حيث التساوى، كقوله: (ومَكروا
وَمَكَرَ الله) .
وقوله:
قالوا اقترح شيئاً نجِدْ لك طَبْخَه ... قلت اطبخوا لي جُبَّةً وقَمِيصا
فالأول مثبت، والثاني منفي.
السؤال الثاني: أنه إنما أنكر عليهم تشبيههم من لا يخلق بمن يخلق، فكان
الأصل أن يُقال، أفمن لا يخلق كمن يخلق، لأن همزة الاستفهام إنما تدخل على المنكَر والمسؤول عنه.
وأجاب الزمخشري بجواب لا ينهض.
وأجاب ابن عرفة بجواب: إن عادتهم يجيبون بأن الإنكار إنما يكون بإفهام الخصم نقيض دَعْواه، أما إذا كان الإنكار بإلزامه عَيْنَ الدعوى فلا يصح.
وهنا لو قيل لهم: أفمن لا يخلق كمن يخلق لكان التشبيه راجعاً إلى نفي المساواة بينهما، وهم موافقون على ذلك، ويقولون.
(ما نعْبدهم إلاَّ ليقَرِّبونَا إلى الله زلْفَى) .
ولما قيل: (أفمن يخلق كمن لا يخلق) لم يكن الإنكار راجعاً لنفي المساواة، فلم يَبْق إلا أن يراد أنَّ الله تعالى مُصِفٌ بنقيض ما اتَّصفَ به معبودهم وهو الْخَلق، فيكون المراد الإشعار بتنقيص مقصودهم، والتنقيص موجب لعدم الألوهية، فليس المراد نفي مساواة الناقص للكامل، بل إنما المراد الإشعار بتنقيص الناقص، لأنه إذا قيل لهم: (أفمن يخلق كمن لا يخلق) كان الإنكار راجعا لتشبيه الخالق بمن لم يخلق، لأن تشبيهه به
يوجب تنقيص البارئ جلّ وعلا، والتنقيص موجِبٌ لعدم الألوهية.
وقد قال: (ولئن سألْتَهمْ مَنْ خلقَهمْ لَيَقولنَّ الله) ، فيستلزم نقيض
دعواهم.
(مَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) :
الضمير في (يشعرون) للأصنام،