للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس له مثلي رقيب، والفقير الذي ليس له مثلي نصيب، والغريب الذي ليس له مثلي حبيب.

كان لموسى سبعة أسفار، فوجد فيها سبعة أشياء: سفر الخوف:

قوله لأمه: (فإذا خِفتِ عليه فألْقِيه في اليَمّ) ، فوجد:

(وأَلْقيْت عليكَ محبةً مِنِّي) .

وسفر الهروب، فوجد الأنس: (ولما وردَ ماءَ مَدْين) .

وسفر الطلب لما سار بأهله فوجد الرسالة: (يا موسى إني أنا الله) .

والسفر ببني إسرائيل لما قال: (أن أسْرِ بعبادِي) .

فوجد فيه النجاة: (فأنجينا موسى) .

وسفر النصَب: (لقد لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَبا) ، فوجد الخضر.

وسفر المقاتلة لا قالوا له: (اذهَبْ أنْتَ وربُّكَ) .

فوجد فيه الحجَر: (أنِ اضْرِبْ بعَصَاك الحجَر) .

وسفر الطور: (ولما جاء موسَى لمِيقَاتِنا) ، فوجد فيه الكلام: (وكلَّمه

ربُّه) .

فإن قلت: بأي شيء عرف موسى الكلام (١) ؟

فالجواب: لما علم أن كلام المخلوقين ينقطع وهو بسماع الآذان ومن جانب

واحد، ووجد له هيبة ولذة، ولما سمعه غير منقطع، ومن غير جارحة، ومن

جميع الجوانب، علم أنه كلام خالقه، ولذلك لما قال له الشيطان: مع مَن تتكلم، فقال له: مع الله.

قال: ومن أين علمت، قال: بهذه الأشياء، فلم يزل في قلب

موسى من هذا حتى سأله الرؤية، فلم يعْطَها، لأنها لم تكن وقتها.

وكيف يُرى الباقي بالفاني، وكيف يَرى الرحمن من رأى الشيطان، ولما ذهب إلى الجبل جعل هارون واسطة بينه وبين قومه، فقال له: انظر إلى الجبل، فلما تجلَّى الربّ إلى الجبل صار سبعين ألف قطعة، وخرج من كل قطعة عارف يقول: أرني أنظر إليك، فقال الله لموسى: أتظنّ أنك مشتاق إليّ، انظر إلى هؤلاء تطلب مطلبك، فخر موسى صعِقاً من جزَعهم (٢) .

وأيضاً لو أعطي الرؤية بسؤاله كان مكافأةَ لسؤاله، كالمائدة لعيسى، وإحياء الطيور لإبراهيم، مكافأة لسؤالهما، ولم تكن الرؤية مكافأة لشيء، لأنها ليس مثلها شيء.

وأيضاً لما طلب رؤيةَ الحبيب قال


(١) قد يجاب عن ذلك بالإلهام الذي يقذفه الله في قلبه، وأمه عليه السلام ألقته في البحر بمجرد الإلهام، فكيف يشتبه عليه كلام الملك العلام؟؟!!!
(٢) كلام يفتقر إلى دليل، ورائحة الإسرائيليات المنكرة تفوح منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>